الباحث جواد هيرانيا ل«الرياض»: خطط أوروبا لإنقاذ الاقتصاد الإيراني دعاية إعلامية تقول المحللة الأميركية المختصة بالسياسة الخارجية، كيسي ديلون، لجريدة «الرياض» إن تركيا هي أكثر البلدان تضرراً من هدف (تصفير صادرات النفط الإيراني)، حيث ترى أن موقف المعترض الذي تأخذه أنقرة للقرارات الأميركية، لا يعرض تركيا لعقوبات الولاياتالمتحدة وحسب، بل يضع أميركا أقرب من أي وقت إلى طرد تركيا من حلف الناتو. وترى ديلون أن «المشكلة مع تركيا، أبعد من تأييدها لنظام يقاتل تحت شعار (الموت لأميركا)، التي تشترك مع تركيا في حلف عسكري واحد، حيث استفادت تركيا من إلصاق نفسها بالعالم الغربي لتمرير جرائم لا حصر لها، وانتهاكات قانونية ودولية بما في ذلك في سورية، كان قد سكت عنها المجتمع الدولي بحجة الصبر على حليف في (الناتو)، فمن القمع الداخلي الشديد في بلد يسعى للتماهي مع الدول الغربية، إلى شراء منظومة صواريخ روسية تعرض السلاح الأميركي للتجسس وسرقة الأفكار، إلى احتجاز قس أميركي، وتصرفات كثيرة لا حصر لها لم نعد نتذكر معها لماذا اعتقدنا أن تركيا حليفاً يوماً ما». وقالت ديلون، إن الإعفاءات منحت أصلاً لمدة ستة أشهر فقط، لإعطاء هذه الدول الفرصة والوقت للبحث عن مصادر جديدة للطاقة، مؤكدةً بأن الأمر ممكن، والبدائل موجودة فالطلب الأميركي ليس مستحيلاً، والدليل أن الهند التي تحتاج إلى موارد هائلة من الطاقة تمتثل للعقوبات وتتخلى عن النفط الإيراني تماماً. كما اختارت دول أخرى عدم استخدام الإعفاءات نهائياً، بسبب شدة تأثير العقوبات مثل -اليونان وإيطاليا وتايوان- التي أنهت مشترياتها من النفط الإيراني على الفور. وتتوقع كيسي أن تؤدي العقوبات إلى موجة جديدة من الركود الاقتصادي في تركيا، على غرار أثر العقوبات الأميركية العام الماضي. وبينما قال وزير الخارجية التركي شاويش أوغلو، إن الإمدادات من الإمارات والسعودية، ستكون عالية التكلفة على تركيا قياساً مع التخفيضات التي تقدمها إيران بسبب العقوبات على نفطها، تقول الكاتبة ديلون؛ إن العقوبات تؤدي إلى خسارة الدول مبالغ أكبر بكثير مما سيكلف تركيا شراء النفط بطرق قانونية ومن دول غير معاقبة. وبينما تطلق تركيا لهجة عالية متحدية للعقوبات الأميركية، تشير عبارات شاويش أوغلو إلى خطاب لا يجزم إذا ما كانت تركيا ستستمر بشراء النفط الإيراني أم لا، حيث تشير الأرقام إلى أن تركيا قلصت سراً بشكل يتناقض مع خطابها، وارداتها من النفط الإيراني منذ بدء العقوبات الأميركية، حيث استوردت تركيا ما معدله 209.000 طن من الخام الإيراني شهرياً من نوفمبر إلى فبراير، بينما كانت تستورد قبل ذلك ما يعادل 701.000 طن شهرياً في الأشهر العشرة السابقة. وكتبت صحف أميركية أن خطاب تركيا غير الآبه بالعقوبات الأميركية، لا يشبه أبداً الذعر الذي تشعر به أنقرة من تأثير العقوبات الذي لمسته العام الماضي وكلف أردوغان خسارة بلديات المدن الأكثر تأثيراً وأهميةً في تركيا، حيث تبحث تركيا عن بديل للنفط الإيراني في العراق ودول أخرى. الصين و النفط الإيراني كان رد الصين مشابهاً لرد تركيا، على قرار واشنطن بإنهاء الاعفاءات لمشتري النفط الإيراني، حيث قال المتحدث باسم وزير الخارجية الصيني كنغ شوانغ؛ إن بكين ترفض العقوبات أحادية الجانب للولايات المتحدة، كما حث واشنطن على عدم تقويض ما أسماه «تعاون» بكين المشروع مع إيران. وعلى الرغم من متانة الاقتصاد الصيني، وقدرته على التحكم بالسوق العالمية واتخاذ قرارات مستقلة، الى أن الباحث في الشأن الإيراني د. جواد هيرانيا يكشف ل»الرياض» عن عزم صيني للتخلي عن مشترياتها من إيران، مقابل الحصول على صفقة تجارية مرضية مع الولاياتالمتحدة. حيث يقول د. هيرانيا، إن النفط الإيراني رخيص ومرضٍ للصين، الا أن صفقة تجارية متكاملة مع الولاياتالمتحدة، تحجز من خلالها الصين لمنتجاتها حيزاً كبيراً في السوق الأميركية هو أمر أكثر أهمية وربحاً بالنسبة لبكين. وقامت الصين منذ الإعلان عن العقوبات على النفط الإيراني، بتخفيض وارداتها من 725 برميلاً في اليوم في مارس 2018، إلى 540 برميلاً في اليوم في مارس 2019. ويشير هيرانيا إلى أن الصين اتجهت لزيادة مشتريات النفط ذات النوعية المشابهة وتحديداً من السعودية والنظر للبحث عن إمدادات أخرى من روسياوالولاياتالمتحدة. ويستبعد هيرانيا، تطبيق العقوبات على الصين لأن الاتفاقات على الطاولة بينها وبين الولاياتالمتحدة كثيرة وكفيلة بجعل البلدين يتوصلا لصفقة مرضية تحل الخلافات والملفات المعلقة من إرساء السلام في شبه الجزيرة الكورية إلى اتفاقية التجارة إلى التعاملات مع إيران. مضيفاً بأن هناك طرقاً قد تسمح أميركا من خلالها للصين الحصول على النفط الإيراني، مثل قيام طهران بسداد القروض التي أخذتها من الصين عبر منح الصين شحنات دون دفع دولار واحد من الخام الإيراني. العقوبات الأشد ألماً يقول الدكتور هيرانيا إن كل المؤشرات تؤكد أن حزمة العقوبات الحالية ألحقت ضرراً بقدرات النظام الإيراني على إنقاذ وضع الاقتصاد في البلد أكثر من أي أزمة مرت خلال فترة حكم النظام الحالي. ويأتي التأثير الكبير للعقوبات من نجاح الإدارة الأميركية بإيجاد سبل لإقناع أقرب حلفاء إيران الاقتصاديين بالابتعاد عنها مثل الهندوالصين. ويقول هيرانيا إن فريق الرئيس ترمب وتحديداً جون بولتون ومايك بومبيو، يسعون من خلال هذا الضغط على النظام الإيراني، إلى استهداف قدرة النظام على الصمود كحاكم للبلاد دون تدخل عسكري مباشر، مشيراً إلى خطوات أخرى تشي بهذه النية الأميركية مثل التفاهمات مع الدول العربية لتشكيل منظومات عسكرية عربية مشتركة، وحث العراق على الاندماج بمحيطه العربي. ويشير د. هيرانيا؛ إلى أن الادارة الحالية ترى في النظام الإيراني مخاطر لم يلتفت اليها أي مسؤول سابق في البيت الأبيض، مثل الخطر الذي بثته إيران لسنوات وأدى إلى تهديد مصالح الولاياتالمتحدة من خلال دعم الجماعات الإرهابية في أفغانستان لسنوات طويلة. هل ينقذ الأوروبيون إيران؟ يقول الدكتور هيرانيا؛ يكفي النظر إلى الخط البياني للتعاملات التجارية بين الولاياتالمتحدة وأوروبا، ومقارنتها بحجم التجارة بين أيران وأوروبا، لنكتشف أنه من المستحيل أن تخاطر أي دولة أو شركة أوروبية باختيار أيران وخسارة الولاياتالمتحدة، مردفاً؛ من حيث الاقتصاد والأمن، تعتمد أوروبا بشكل مبدئي على الولاياتالمتحدة. على هذا الأساس، بالنظر إلى قضية إيران، لا يمكن لأوروبا أن تقف أمام الولاياتالمتحدة في هذا الصدد، رغم رغبة أوروبا باتخاذ خط أكثر استقلالية عن الولاياتالمتحدة وخاصة في عهد الرئيس ترمب الذي يزعج خطابه الحلفاء فيبدو وكأنه يملي عليهم الشروط. وعن المنظومة الخاصة التي أقامتها أوروبا للتعامل مع إيران يقول هيرانيا إن تأثيرها لا يتجاوز القيمة المعنوية التي يريد الأوروبيون من خلالها إرسال رسائل للولايات المتحدة بأنهم لا يمتثلون بالضرورة لعقوباتها أحادية الجانب، ولكن على أرض الواقع لم تفيد هذه الآلية إيران أو أوروبا على الرغم من بث دعاية كبيرة حولها، حيث كشف وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، قبل إعلان استقالته لموقع LobeLog الأميركي، بأن الأوروبيين لم يلتزموا إلا ب10 بالمئة من الخطوات والالتزامات التي وعدوا بها الإيرانيين بموجب الاتفاق النووي الإيراني وتحديداً بصدد إنقاذ طهران من العقوبات. د. جواد هيرانيا كيسي ديلون