تتسع دائرة الصراع داخل ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران بين القوى المهيمنة والمتحكمة والممسكة بكل تفاصيل القرار وبين المحسوبين على القبائل التي تمكنت الميليشيا من استدراجهم وتوريطهم من خلال الحصول على مساندة وتأييد منهم لحروبها الدموية والثأرية على بقية القبائل اليمنية والسلطة الشرعية في البلاد مقابل وعود مبكرة بمنحهم مصالح وامتيازات خاصة غررت من خلالها على بعض شيوخ القبائل الذين سارعوا إلى تجنيد بعض أفرادهم وتسليمهم لقيادة الميليشيا التي تستعملهم بدورها كوقود نظير مستحقات شهرية ضئيلة. ويقول مقاتلون قبليون ممن تخلوا عن الحوثيين وانسحبوا من جبهات القتال وعادوا إلى قبائلهم أن قيادة الميليشيا تمارس تمييزا وعنصرية وفرزا على أساس عِرقي وسلالي وطبقي، وأشاروا إلى أنها تدفع مستحقات مالية شهرية ضئيلة جداً للمقاتلين القبليين، وفي المقابل تدفع رواتب مالية كبيرة لعناصرها المنتمين للسلالة التي يتزعمها عبدالملك الحوثي وتعتمد سلال غذائية لأسرهم من خلال فرض قوائم محددة على المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في المجال الإنساني والإغاثي، ورغم أن المستحقات الشهرية التي يحصل عليها المغرر بهم من أبناء القبائل مقابل القتال في صفوف الحوثيين، إلا أن قيادة الميليشيات قطعت تلك المستحقات قبل أشهر متذرعة بأزمة مالية، وذهبت إلى مطالبة شيوخ القبائل الموالين لها بتوفير مصاريف يومية لأفرادهم المنخرطين في صفوفها في حين كان هؤلاء الشيوخ ينتظرون الامتيازات التي تلقوا وعوداً من الجماعة بالحصول عليها. واعتبر المقاتلون المحسوبون على شيوخ قبائل المساندون للميليشيا ذلك مؤشراً إضافياً على سياسة الاحتقار الحوثية للقبائل التي تورطت في مساندة الانقلاب وتخلت عن الانخراط ضمن مشروع مقاومة الحوثيين، ويواجه بعض شيوخ القبائل الذين تورطوا في مساندة الحوثيين ضغوطا كبيرة يمارسها أبناء القبائل العائدين والمنسحبين من الجبهات، ويطالبونهم بالتعويض جراء ما لحق بهم أثناء تورطهم بالاشتراك في القتال دفاعاً عن مصالح الحوثيين وإيران، متهمين زعماءهم القبليين بأنهم مارسوا دوراً تضليلياً على أبناء قبائلهم ودفعوا بهم إلى المحارق خدمة لمصالح الميليشيا مقابل امتيازات محدودة الأجل، وأوضح مقاتلون قبليون انسحبوا مؤخراً من جبهات الحوثيين أن هناك الآلاف من زملائهم أصيبوا في معارك انجروا إليها تحت تأثير الدعايات التضليلية وتأثراً بالأدوار التضليلية التي مارسها بعض شيوخ القبائل المتورطين في خدمة المشروع الحوثي الإيراني، مشيرين إلى أن الميليشيا تجاهلت زملاءهم الجرحى واضطرت أسرهم إلى بيع ممتلكات خاصة لعلاج أبنائهم بعد أن انقطعت بهم السبل وقوبلت كل مناشداتهم للحوثيين بالتجاهل والاستخفاف، ولعل ما هو أفظع، ما تؤكده مصادر مطلعة ل «الرياض» أفادت أن الحوثيين يتخلصون يومياً من بعض الجرحى المنتمين للقبائل الذين أصيبوا وهم يقاتلون في صفوف الميليشيا بهدف التخلص من أعباء علاجهم، كما أن قيادة الميليشيا توعز للأطباء العاملين معها ببتر أطراف المصابين تحت ذريعة أن تكلفة إجراء العمليات باهظة.