مع اقتراب انتهاء موسم الاختبارات، والبدء في استلام النتائج، تنتشر الفيروسات بأنواعها، كفيروس الحفلات، وفيروس التبذير، وفيروس الاستعراض بالسفر، وفيروس استعراض الهدايا، وهي فيروسات تهاجم لتخرق الجيب، ولتكسر خاطر المحتاج، لا مانع من أن يفرح الناجح، ويحتفل بعد عامٍ كامل من الإنجازات المتواصلة، إنما تكمن المشكلة في المبالغات، ثم المزايدات، ثم ارتفاع سقف التوقعات، فتمسي الحفلة فرضا على الأسرة، والهدية غير كافية، نعم فلقد كانت هناك حفلة للانتهاء من الجزء الأول للدرس الثاني لمادة الفنية. أكملت دراستي إلى المرحلة الثانوية دون الحاجة لحفلات النجاح، كُنّا نسمع عنها فقط - كحالات شاذة - بعد إكمال مراحل ما بعد الثانوية. تغير الحال كما كل شيء، لدرجة أننا أصبحنا مطالبين بحفلة لكل ابن، وبعد كل فصل دراسي، لا شك أن الأبناء هم الاستثمار الأهم للأسرة الواعية، ولكن هل هذا استثمار حقيقي، أم اتجاه عاطفي؟ وضغوط مجتمعية؟ كم من الأموال المهدرة على بهرجة زائفة؟ وفرحة زائلة؟ كم من المواقف السلبية التي نساهم بأيدينا بها كلبِنة تبنى في حياة أطفالنا؟ وقيّم زائفة نغذي بها نفوسهم المتعطشة؟ فماتت الفرحة بالنجاح، وارتبط النجاح بالهدية، واضمحل الفرح الحقيقي بالنجاح. وأصبح عبئاً على عاتق الأب، ومنافسة بين النساء، يدفع ثمنها اليوم الأب وغداً الطفل. يقول الدكتور مصطفى أبو سعد - المتخصص في التربية - إن المكافأة على النجاح أسلوب غير مقبول تربوياً، إن نجح فلنفسه، وإن صلى فلنفسه، أشجعك وأعطيك لأنك ابني وليس أنك نجحت، ويضيف أن المحفزات المالية أضعف أنواع المحفزات على الإطلاق. إن لم نتصدَّ بالمضادات لهذا الفيروس، فإننا سنصبح مطالبين بحفلة منفصلة لكل ابن، ولربما ستكون لكل اختبار شهري.