في كل بلدان العالم المتفوقة رياضياً نجد أن أساس اكتشاف المواهب لديهم يبدأ من مراحل الدراسة الأولى في حياة شبابهم، لأن الفكرة في الموهبة ليس في صقلها وتقويتها فقط، بل الأهم هو اكتشافها ومن ثم وجود برامج ترعاها وتنميها، بل حتى في بعض الدول مثل البرازيل على سبيل المثال تبدأ عملية ملاحظة المواهب واكتشافها من الشوارع والأزقة والحارات، خصوصاً في الأحياء الفقيرة التي أهم ما يميز أصحابها هو الطموح والأمل. لنذهب الان إلى واقعنا في المملكة، لا يمكن لأحد أن ينكر أن عامل الرياضة المدرسية بل وحتى الجامعية عامل مفقود كلياً، ولا يمكن أن نخفف من قوة كلمة كلياً لمجرد أن بعض الجامعات تنفذ بعض البطولات أو المدارس بعض المسابقات، أين مشروع الرياضة أو الحصة الرياضية المدرسية التي تغنينا بها بداية ومطلع العام الدراسي الحالي الذاهب إلى الانتهاء خلال الأسابيع القليلة المقبلة، فالحصة الرياضية تقريباً مشروع دفن لحظة ولادته ولعدة أسباب أهمها عدم وجود متخصصين في مثل هذه النوعية من الأنشطة، وعدم وجود خطط وبرامج تنافسية تزرع في نفوس الطلاب روح المبادرة، والأهم الطموح الذي هو منثور في شوارع واحياء البرازيل الفقيرة. لا يمكن لملفنا الرياضي العام أن ينجح من دون وجود هيئة مستقلة متخصصة في الرياضة الطلابية سواءً المدارس أو الجامعات، لتصنع مشاريع إبداعية من مواهب موجودة وبكثرة، ويمكن لهذه الهيئة أن تكتشف المواهب وتصقلها صقلاً أولياً، وأن توقع معها أيضاً ومن ثم تقوم بعملية تأمين فرص ممارسة الرياضة الاحترافية في المستقبل لهؤلاء المواهب سواءً مع الأندية المحلية أو حتى الخارجية، وكل هذا سيعود بالنفع على الرياضة بشكل عام وعلى المنتخبات الوطنية بشكل خاص، مع أهمية وضرورة أن تكون الهيئة تعنى بكافة أنواع الرياضة الجماعية أو الفردية وليس فقط كرة القدم. قبل عدة أيام نفذت جامعة الملك سعود بطولة في كرة القدم، وكان ولدي الأكبر سلطان من المشاركين في منتخب كلية الآداب، إذ يمتلك موهبة حقيقية في كرة القدم منذ طفولته، وقد حاولت كثيراً أن أنميها وأصقلها من خلال مراكز تدريب في عدة أندية بالرياض. الرياضة وخصوصاً كرة القدم أصبحت اليوم مهنة حقيقية فعلية تؤمن مستقبل من يمتهنها، ولكن تنقصنا الرؤية والتنظيم ووجود الجهات المختصة بعيداً عن مراكز الاستكشاف لدى الأندية التي تريد الموهبة الصرفة في كرة القدم، بينما ما نريده هو الموهبة الحقيقية في الرياضة بشكل عام، قد يتقدم طالب على أنه موهوب في كرة القدم، لكن الهيئة المستقلة تكتشف أنه موهوب في كرة السلة أكثر. شكرا لجامعة الملك سعود على هذه البطولة وعلى إعطاء فرصة لأبنائها الطلبة للتعبير عن مواهبهم وصقلها والأهم زرع روح التنافس الشريف فيهم، ففرحة ولدي سلطان كبيرة بهذه المشاركة، وبانتظار تحقق حلمنا بهيئة مستقلة تعنى باكتشاف المواهب، وأدعو الجامعات السعودية إلى أخذ المبادرة بأنفسهم وتنظيم مستمر لمثل هذه البطولات والتنسيق مع إدارات الأندية في المملكة لحضورها علهم يجدون موهبة حقيقية تحتاج للرعاية والاهتمام.