أظهرت دراسة قامت بها إستراتيجية تطوير الرياضة المدرسية عام 2012 أن 8 ٪ فقط من الطلاب في المدارس يشاركون في الأنشطة الرياضية، بخلاف صفوف التربية البدنية الإلزامية، كما أظهرت نقصا في الأنشطة الترويجية المصاحبة، وعبرت الدراسة حينها عن أن السعودية شاركت في تسع دورات أولمبية لم تحقق فيها سوى ثلاث ميداليات، وهذا يظهر أن نظام الرياضة المدرسية ضعيف بسبب عدم وجود مسارات، رياضية ولا يوجد نظام منهجي لاكتشاف وتحديد المواهب، وأشارت الدراسة إلى أن نظام تطوير الأداء الرياضي طويل المدى، يحتم على الرياضي الالتزام بعدد 10 آلاف ساعة من التدريب للوصول إلى أعلى مستوى في الأداء خلال 10 أعوام. وبلا شك مازالت الرياضة في المؤسسات التربوية والتعليمية بعد ست سنوات من نتائج هذه الدراسة في غياب شبه تام بحسب المتابعين، على الرغم من تزايد عدد التلاميذ الملتحقين بالمدارس سنوياً الأمر الذي يثير تساؤلات عديدة عن أسباب تراجع حضور "الرياضة المدرسية"، على الرغم من أن الرياضة المدرسية تشكّل اللبنة الأولى للحركة الرياضية في أي بلد ورافدًا أساسيًا للمنتخبات الوطنية خصوصاً في بلدان كأنجلترا وأميركا وألمانيا واليابان والبرازيل وجنوب إفريقيا وغيرها، إذ تسهم في توسيع قاعدة أي لعبة وتطويرها، وإنشاء بنية تحتية من النشء من خلال ما تفرزه حصص الرياضة والتربية البدنية في المدارس. وفيما كانت المدارس تدعم المنتخبات والأندية الرياضية باللاعبين الموهوبين والمؤهلين في في مختلف الألعاب وغيرها في أعوام خلت، أصبح دورها اليوم عاجزاً بل ودخلت حالة من الجمود على مستوى تطوير العمل في مجال الأنشطة الرياضية المدرسية، التي تعد من جملة الوسائل الفعالة لتكوين وتربية الناشئة، وكونها فرصة مناسبة للقاء والتواصل والاندماج وتبادل الخبرات وتعلم العادات الصحية وترسيخها لتحقيق توازن نفسي ووجداني، لتجنيبهم آفة الانحراف ما يعود بالنفع عليهم لأنها تعزز مستويات التحصيل الدراسي والتحصيل وتجعلهم مواطنين صالحين لأنفسهم ولأسرهم ولمجتمعهم. وهذا الذي يؤكد أن الرياضة المدرسية هي البنية الأساسية للحركة الرياضية التي يجب أن تولى الاهتمام الأكبر لنضمن لحركتنا الرياضية التطور والانتشار. عند استعراض تاريخ الرياضيين المرموقين ومشاهير الرياضة والمتفوقين في العالم في أي لعبة رياضية، نجد أن بداية ممارستهم للرياضة كانت في سن مبكرة، وتحديداً في مراحل الدراسة الأولية أو الابتدائية، وعلى سبيل المثال لا الحصر ظهر نجوم سعوديون في مختلف الألعاب من المدارس، خصوصاً كرة القدم وألعاب القوى فلاعبون مشاهير أمثال ماجد عبدالله، يوسف الثنيان، سامي الجابر، يوسف خميس، محمد الدعيع، محمد عبدالجواد، حسين عبدالغني وغيرهم وفي ألعاب القوى كهادي صوعان وسعد شداد وغيرهم كانت انطلاقتهم الأولى من المدارس وهنا يتضح لنا جلياً أن "المدرسة" هي الأكاديمية الأولى للنجوم، وهي التي تكشف مواهب الرياضيين منذ الصغر، فمن خلال المدرسة يستطيع كل ناشئ أن يمارس هوايته الرياضية في أجواء صحية وسليمة، حيث يمكن تطوير هذه الموهبة من مرحلة دراسية إلى أخرى ثم تصقل هذه المواهب من خلال الدورات المدرسية التي تتنافس فيها المدارس على بطولة كل لعبة، وهذا هو الحال في الدول المتقدمة رياضياً التي تأخذ المواهب من المدارس إلى النجومية، وفي عالمنا العربي نجد أيضاً عدداً كبيراً من النجوم العرب برزوا وعرفتهم الأندية والمنتخبات من خلال الدورات المدرسية، إذ ظلت تعد الرياضة المدرسية الزاوية الأساسية لدفع الحركة الرياضية بجميع ألعابها نحو الأمام، حيث تشكل الرافد الحقيقي والمهم لأنديتنا ولمنتخباتنا الوطنية، واليوم مع إقرار دخول الرياضة المدرسية أيضاً إلى مدارس البنات مازال المجتمع التعليمي والرياضي يتوق إلى خطوات شاملة في ملف الرياضة المدرسية، لا يقتصر على اعتماد البرامج والفعاليات المؤقتة بل ينطلق إلى تشخيص واقع بيئة المدارس رياضياً على صعيد الإمكانات والملاعب المؤهلة والتدريب وزيادة ساعات النشاط الرياضي في المدارس، وإذا كانت الرياضة السعودية قد افتقدت ملاعب الحواري بعد أن تلاشت في المدن، فإن المدارس ستظل هي الحاضنة الأولى للمواهب الرياضية، ونقطة ارتكاز حيوية لصقل مهارات الناشئين في أعمار باكرة، إذ تشكل المدرسة البيئة الخصبة لإنمائها، وتوفير خبراء مؤهلين علمياً وأكاديمياً لتغيير الصورة النمطية السائدة عن النشاط الرياضي، إذ تعرف الموهبة الرياضية بأنها الشخصية التي تتوافر فيها صفات وخصائص ذات أكثر من بعد بدني ورياضي، بحيث تستطيع بمزيد من الرعاية والتدريب تنمية قدراتها في اللعبة أو الألعاب الرياضية التي تجيدها، وبحسب تقييم المدربين، فإنه يمكن تحديد الموهبة وقياس قدراتها على نحو علمي صحيح، ومن ثم إمكانية المساهمة بقدر كبير في تطويرها وإتاحة الفرصة لإبراز إمكانياتها إذا ما توفرت الأدوات والتقنيات الحديثة لتقييم قدرات الموهوب، مع اختبارات محددة بعناية، تتضمن القدرة على التحمل والسرعة والمهارة الحركية والقوة الذهنية، ومن ثم يستطيع الخبير الرياضي تحديد توجه الناشئ إلى الرياضة التي تناسبه أكثر، ويمكن من خلال ممارستها تحقيق التألق والنجومية والأهم من ذلك توفير الرافد الأكبر للمنتخبات الوطنية من المواهب الناشئة والمؤسسة بطريقة علمية.