بعيداً عن صخب الشعر والنشر المفتعلين اللذين يحفل بهما مشهدنا الثقافي تأتي قصيدة سعد الحميدين وانهماماتها الوجودية وإخلاصها للشعر الحقيقي والحديث متخفّفة من أي نبرة احتفالية؛ حيث الرهان على الشعر لا سواه. فقد أصدر الزميل سعد الحميدين، ديوانه الحادي عشر، الذي وسمه بعنوان: "عزف على الحروف"، الصادر في طبعة أولى، عن دار المفردات، 2019م، متضمناً سبعة نصوص طويلة، جمع فيها الحميدين بين قصائد التفعيلة، وقصيدة النثر، التي يعد الحميدين أحد رموزها الشعرية، ورائدها في المملكة العربية السعودية، ما جعل من تجربته حاضرة رائدة في المشهد الثقافي السعودي. الديوان وضحت فيه تجربة الحميدين الثرية التي غالباً ما تنزع لتدريم قضاياه واتهماماته الفكرية واحتفائها بالمهمّش والبراعة في التقاط المعنى وتنبيضه بطريقة تتصاعد درامياً؛ وبشكل يتطلّب من قارئه الجلد للإمساك بمفاتيح النص والدخول في أجوائه. الديوان يمثّل امتداداً خيطياً لهذه التجربة للقصيدة الحديثة التي يعدّ الحميدين أبرز المشتغلين عليها، والذين ثابروا منذ البدايات التي أرهصت بالنص الحداثي الوليد؛ ولعل مثابرة الشاعر وإخلاصه لهمّه الشعري هو ما يفسّر هذه المسيرة الشعرية الخليقة بالتدبّر والدرس والتفحّص. فالمسيرة الشعرية له تتوالى بذات الكفاءة الشعرية والاقتدار الذي لا يتوقّف قلقه وهجسه بانبناء حقيقي للشعر لا سواه. وكان الشاعر قد أصدر أولى مجموعاته الشعرية، بعنوان: "رسوم على الحائط" 1977، ثم أصدر ثاني دواوينه، "خيمة أنت والخيوط أنا" 1986، التي ترجمت إلى اللغة الإنجليزية، فيما صدر الديوان الثالث بعنوان: "ضحاها الذي" 1990، أما رابع المجموعات الشعرية، فقد أصدره الحميدين 1994، بعنوان: "وتنتحر النقوش أحياناً"، ليصدر خامس مجموعاته الشعرية "أيورق الندم؟!" 1991، فيما صدرت سادس مجموعات الحميدين الشعرية، بعنوان "وللرماد.. نهاراته" في العام 2000، ليصدر في العام 2004 "الأعمال الشعرية الكاملة"، فيما صدر ثامن المجموعات، بعنوان: "غيوم يابسة" 2007، أما المجموعة الشعرية التاسعة فقد وسمها شاعرنا بعنوان: "وعلى الماء بصمة"، التي أصدرها في العام 2011، ثم عاشر المجموعات "سين بلا جواب" في 2014، وصولاً إلى المجموعة الشعرية الحادية عشرة "عزف على الحروف".