نشرت صحيفة فاينانشال تايمز الأميركية الثلاثاء، دراسة حول وضع الاقتصاد التركي بعنوان "تحديات تمنع أردوغان من إنقاذ الاقتصاد المهلهل"، معتمدة على عدة تحليلات اقتصادية معززة بحوارات أجرتها الصحيفة مع كبار الاقتصاديين الأتراك المتضررين من سياسات الحكومة التركية والخائفين من شبح انهيار اقتصادي في تركيا. ونقلت الصحيفة عن رجل الأعمال التركي، محمد ناسي توبسكال، قوله "حين يتعلق الأمر بالاقتصاد التركي، فإن مشاكل خطيرة تواجهنا". كما كشفت الصحيفة عن تصريح مقاول البناء التركي "ياني يابي"، أن ما يعرفه جميع القائمين على هذا القطاع في تركيا هو أن كل شركات المقاولة تبحث عن طريقة للفرار والهرب بعد الانهيار الدراماتيكي للعملة التركية العام الماضي. وبحسب فاينانشال تايمز، فإن وصول العملة التركية إلى أدنى مستوياتها العام الماضي هو أمر ألقى بثقل كبير على الاقتصاد التركي، حيث أصبحت تركيا بسبب هذه الانتكاسة تعاني من كومة ديون بالعملات الأجنبية وصلت الى ما يزيد على ال285 مليار دولار. كما تواجه البنوك التركية سلسلة من المشكلات المرتبطة بزيادة عدد القروض المتعثرة في تركيا إلى جانب ارتفاع أسعار الفائدة ما يعزز المشاكل الاقتصادية ويبعد القطاع المصرفي عن الحلول الأمر الذي قاد تركيا إلى أول ركود اقتصادي منذ عقد من الزمن. وترى فاينانشال تايمز أن هذا الركود قد يؤدي إلى خسائر لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية في 31 مارس، كما كشفت الصحيفة عن بعض الخدع الاقتصادية التي يقوم بها الرئيس التركي أردوغان وصهره لتخفيف حدة التدهور الاقتصادي قبل الانتخابات مثل إجبار بنوك الدولة على الضغط على التجار الذين يعتمدون على قروض الدولة للحفاظ على أسعار مخفضة للسلع قبيل العملية الانتخابية. ونقلاً عن عدد من المستثمرين الأتراك حول الإجراءات التي تتخذها الحكومة، أكدت "فاينانشال تيمز" على أن القلق هو سيد الموقف في أوساط المستثمرين بسبب تردي العلاقات التركية - الغربية والسلوك التركي غير المريح للحلفاء والغرباء، وهذا كله بحسب المستثمرين يبعد تركيا عن أسباب نموها الاقتصادي السريع الذي كانت عليه الحال في الماضي. كما قال فاتح أوزاتاي، نائب محافظ البنك المركزي السابق: "ما يقلقني هو أن هذا الانكماش قد يكون ساري المفعول لأكثر من عام". خيارات محدودة يقول روجر كيلي، كبير الاقتصاديين في مكتب اسطنبول البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، أن الركود الذي تعاني منه تركيا يختلف عما واجهته البلاد في الماضي، في عامل مهم وهو أن التعافي لن يكون سريعاً وملحوظاً بل بطيئاً ومترافقاً مع المزيد من النزيف الذي سيعاني من الاقتصاد التركي وذلك بسبب عبء الدين الخارجي على البنوك. ويرى روجر أن أدوات الحكومة لتحفيز الاقتصاد محدودة جداً، وهي أدوات تقليدية كخفض أسعار الفائدة بالإضافة إلى الوعود الكبرى التي يطلقها أردوغان في مثل هذه الأحوال العسيرة، كأن يقوم بإثقال كاهل الأتراك بالتحديات الاقتصادية بسبب سلوك حكومته، ثم يخرج في خطبة رنانة ويقول لهم إن "الفائدة المرتفعة هي أم الشرور و وأبوه"، الأمر الذي لم يعد يشكل أي مصداقية لدى المستثمرين بعد كابوس انهيار العملة العام الماضي. كما حذر استر لو، كبير مديري الاستثمار في صندوق ديون الأسواق الناشئة من أن خفض الفوائد لغايات سياسية بشكل سريع أو مفاجئ سيكون أمرا محفوفا بالمخاطر ولا يجب أن تقوم به الحكومة جزافاً، لأنها خطوة من شأنها أن توجه جولة جديدة من الانهيار للعملة التركية.