منح الله - تبارك وتعالى - هذه البلاد نعما لا تعد ولا تحصى، وموارد عظيمة في كل موضع على خريطتها الممتدة، تحتاج إلى من يكتشفها، ويعد الوسائل المناسبة لاستغلالها وتنميتها، لتضاف إلى قائمة طويلة من المصادر الطبيعية، التي لا تحتاج سوى من يعرف بها، لتنال ما يلائمها من استثمارات بمختلف مدن ومحافظات المملكة. وقد عاينت نموذجا واضحا لذلك خلال ورشة عمل مشتركة، جمعت بين بلدي الرياض وبلدي حفر الباطن في مجال تنمية الاستثمارات، كان من أبرز أهدافها تشجيع رجال الأعمال على توسيع استثماراتهم في المشروعات الواعدة. وغالبا ما تبدأ المشروعات العظيمة بفكرة بسيطة وغير اعتيادية، تجد من يتحمس لها، ويسعى إلى إخراجها إلى النور فيتحقق الإنجاز. وهذا بالضبط ما حدث في اللقاء الذي ناقشنا خلاله مشروع إنشاء مدينة أنعام حضارية بحفر الباطن، الذي بدأ كفكرة مبتكرة تحمس لها أعضاء بلدي حفر الباطن، وأعضاء بلدي الرياض، ويهدف إلى استغلال الثروة الحيوانية التي تتميز بها المحافظة، والاستفادة من مشتقات المواشي، والمحافظة على السلالات الجيدة وتطويرها. وقد لمسنا أثناء زيارة حفر الباطن طموحا كبيرا لتنفيذ المشروع الذي سيقام على أرض مميزة، لم تستغل بالشكل الأمثل، ولا يحتاج المشروع سوى بعض الترتيبات للحصول على نتائج مبهرة من وراء مخرجاته، مثل: مشتقات الثروة الحيوانية والصناعات التحويلية، ومصانع الأسمدة، والجلود، والمنتجات الطبية، ومنتجات الألبان ومشتقاتها، والمنسوجات، وسوق الحرف الشعبية المتعلقة بمنتجات المواشي. إن مبادرة مدينة الأنعام النموذجية المقترحة مبادرة طموحة، تستحق الدعم والتطوير؛ نظرًا لما تتميز به محافظة حفر الباطن من سلالات أنعام مميزة، تؤهلها لتصدر مدن المملكة في هذا الشأن، نظرًا لموقعها الجغرافي المميز، وكونها مرعى طبيعيًا يمكن الاستفادة منه في إعادة تدوير مخرجات الأنعام واستغلالها الاستغلال الأمثل، إضافة إلى إتاحة فرص العمل، وزيادة التنمية في المحافظة وفق رؤية 2030. وأعتقد أن إقامة هذه المدينة سيمثل قفزة نوعية في مجال المنتجات الحيوانية ومشتقاتها على مستوى المملكة، بل على مستوى العالم العربي، وقد تسهم هذه المدينة النموذجية في إظهار الوجه المشرق لحفر الباطن، وما حباها الله به من موارد طبيعية، تضاف إلى ما تحظى بها مدن ومحافظات المملكة، لتشكل نوعا من التكامل في مجالات مختلفة، مثل مناطق الجذب السياحي، والأخرى المعروفة بمنتجات مميزة كالتمور، وغيرها. وكلما تنوعت مصادر الجذب في جميع مدن ومحافظات المملكة، حققت لبلادنا الحبيبة اكتفاء في الأمن الغذائي، وأعطتها تميزا على المستوى الاقتصادي، وأسهمت في ازدهار الجانب الاستثماري، وجلب مزيد من المداخيل والعائدات المتوقعة من صادرات المنتجات غير النفطية. *رئيس المجلس البلدي بالرياض