في الوقت الذي تعمل فيه المملكة العربية السعودية على إعادة إنتاجها بعد قرار أوبك في ديسمبر 2018 بخفض الإنتاج، تتطلع السعودية إلى توسيع عمليات التنقيب والإنتاج على مستوى العالم. وعندما قررت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاؤها من خارج أوبك (والمعروفين باسم أوبك +) في ديسمبر 2018 أن يخفضوا الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل في اليوم، كان من الواضح أن المملكة العربية السعودية وروسيا ستكونان المساهم الرئيسي في التخفيضات. ووافقت المملكة العربية السعودية على تحمل 40 % من التخفيضات المتفق عليها لأعضاء أوبك، والتي يبلغ مجموعها 800 ألف برميل في اليوم، فيما وافقت روسيا على تحمل 60 % من التخفيضات المقررة للأعضاء من خارج أوبك والتي يبلغ إجماليها 400 ألف برميل في اليوم. في حين وقوبلت مبادرة المملكة بخفض الإنتاج على الفور بارتياح عالمي منوه بدور المملكة الدائم في إيجاد الحلول لأزمات النفط المتلاحقة، وذلك على الرغم من الأحداث الأخيرة التي أدت إلى إغلاق مؤقت من حقل السفانية لأزمات عالمية دفعت المملكة إنتاجها إلى مزيد من الانخفاض. إلا أن وزير الطاقة السعودي أعلن في مقابلة مع «فاينانشيال تايمز بأن أرامكو تمر بأفضل أوقاتها للنمو العالمي المستدام متجاوزة بذلك تطلعاتها للتوسع الداخلي والتركيز فقط على توحيد موارد المملكة لتكون اللاعب الرئيس في سوق الطاقة وتطوراته. الأمر الذي يدفع تنافسية أرامكو إلى أفق أرحب وأوسع وبكل ثقة مع شركات النفط العالمية التي تحاول أن تجاري إمكانات أرامكو المهيمنة من حيث مدخراتها الهيدروكربونية وثرواتها الهائلة للقيم الخام بكافة أنواعه وتوسعها الكبيرة سنوياً. وعلى الرغم من الجهود القوية التي تبذلها المملكة بقيادة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع اقتصادها والابتعاد عن النفط في أعقاب انهيار أسعار النفط عام 2014، نجحت المملكة في تعظيم الاستثمارات غير النفطية ولا سيما الاستثمارات التكنولوجية والفضائية والإبداعية والسياحية بخلاف تعظيم استثمارات التعدين والتي من المخطط بلوغ استثماراتها حوالي 100 مليار ريال واستثمارات المصب في التكرير والكيميائيات والأحجار الكريمة ومشتقاتها والتي بدأت المملكة تشق طريقها ضمن قائمة الدول الكبرى المصدرة لنواتج التعدين. في حين لم تغفل المملكة أيضاً استثمارات الهيدروكربونات والتي ستظل مصدرًا مهمًا من الإيرادات في وقت استثمرات أرامكو السعودية بالفعل في أصول مصبّية دولية بما في ذلك أكبر مصفاة للنفط في الولاياتالمتحدة شركة موتيفا التي تنفرد أرامكو بملكيتها وتحوز على الموافقات الدائمة لتوسعهاتها، ألا أن جهود التنقيب والإنتاج تتركز دائما حول المملكة العربية السعودية. في يناير 2019، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية أمين ناصر أن الشركة تتطلع إلى تطوير استثماراتها في الولاياتالمتحدة والنظر في عملبات استحواذ الغاز على امتداد سلسلة التوريد بأكملها في ظل حصول الشركة على قوة مالية كبيرة بمليارات الدولارات لإنفاذ مشروعاتها التوسعية في أميركا. وتلمح أرامكو كثيراً لمجموعة من خطط التوسع العالمي وبالأخص فيما يتعلق بأصول الغاز والتي تخطط أرامكو أن تجتذب استثمارات تبلغ حوالي 150 مليار دولار على مدى العقد المقبل مع وصول الإنتاج اليومي إلى 23 مليار قدم مكعبة قياسية يومياً من ال 14 ملياراً الحالية وذلك إنفاذاَ لخطط لتحويل شركة أرامكو السعودية إلى لاعب عالمي رئيس في مجال الغاز والبتروكيميائيات والتكرير في سوق من أربح وأضمن الأسواق في العالم في ظل مدخرات غاز الإيثان الهائلة في الولاياتالمتحدة في وقت قررت أرامكو زيادة حصتها من استثمارات الغاز إلى 70 % في السنوات العشر القادمة، من نحو 50 % حاليا. وبدأت أرامكو بالفعل في توسعة نطاق أعمال مصفاتها «موتيفا» في تكساس والتي تملكها أرامكو 100 % وتحويلها لمجمع مدمج للتكرير والبتروكيميائيات حيث قال إن أرامكو تهدف لأن تصبح رائداً عالمياً في الكيميائيات، وتتبنى خططاً لتوسعة عملياتها في التكرير وإنتاجها من البتروكيميائيات، لافتاً إلى أن شركته تريد زيادة استثماراتها في الولاياتالمتحدة من خلال تملكها لموتيفا أكبر مصفاة نفط أميركية والتي جرى الاتفاق حيالها لإنفاق 10 مليارات دولار إضافية في مجمع «موتيفا» للتكرير. وتحظى مصفاة «أرامكو موتيفا» بصفتها أكبر مصفاة في أميركا الشمالية بثقة توزيع المنتجات البترولية وتسويقها في الولاياتالمتحدة حيث تتخطى الطاقة التكريرية الإجمالية لموتيفا 1.1 مليون برميل في اليوم، وتساند أعمال التسويق بالشركة شبكة ضخمة تضم قرابة 8,400 محطة بنزين تحمل العلامة التجارية «شل» في المنطقتين الشرقية والجنوبية من الولاياتالمتحدة الأميركية. في وقت تدعم أرامكو مصفاة «موتيفا» بتزودها بأكثر من مليون برميل من النفط يوميًا لدعم أعمالها للتكرير بطاقة تزيد على 600 ألف برميل في اليوم الأمر الذي يرسخ حضور «أرامكو» في سوق الطاقة الأميركية بتنافسية هائلة.