قال: نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ونستعيذه من بعض المخلوقات البشرية.. مثل ذلك القميء صاحب الوجه المليء بالسماجة والغثاثة والترهل الطيني.. فأنت حين تراه، تدرك أن الله جعل من بعض الوجوه أذية تشبه المرض والعقاب، فتصاب أنت بالهم والاكتئاب والغم.. إذ نظرت إلى وجهه، فكأنك ترى بعض الوجوه الباسرة عندما تتخيلها يوم القيامة.. وجه قد مسخ منه الحياء والبهاء، قد تهدل منه الغباء وتورمت خداه بالقبح الفج الذي يجعلك تؤمن أن وراء هذا الوجه القبيح قبحاً أشنع وأسوأ وهو القبح الروحي، فهو وجه قميء ثقيل كأنه مطلي بالوحل والطين.. عينان اكتنزت بهما كل ألوان الرياء والغباء.. أنفٌ ابتعدت عنه الرفعة فجثم عليه الذل حتى حناه.. إنها روحه الخبيثة الناضحة بكل ألوان التلوث البشع! إنك قد ترى كل ألوان البشاعة في طريقك كجحور الأفاعي، ومع هذا تسير بلا تذمر ولا غم، ولكن عندما يطل عليك بوجهه فإنك تشم رائحة النتن مع أنه يجتهد في تلميع وجهه وتخفيف شعره وصبغه.. هكذا ليجعل الله منه شاهداً على أن قبح الروح أشنع من قبح الجسد! وأن قناع النفاق أفظع من قناع الجدري على وجه مريض.. إنها روحه التي ما أضاء داخلها شيء من نور وإنما هي خربةٌ مظلمة.. وهو يعلم ويدرك في قرارة نفسه قبح نفسه، رغماً عن الأفاقين والطوافين حوله.. فإذا خلا بذاته أطل إليها كبئر تفوح منها رائحة الظلمة والعفن..