كانت فكرة هذه الزاوية -والتي بدأت قبل ستة أعوام تقريباً- وليدة نقاشات مع بعض الأدباء المهتمين بالمصطلحات الشعبية وعلاقتها بالفصحى، وذلك في منتديات جمعية اللهجات فانبثقت لدي فكرة إعداد معجم لغوي شعبي له أصوله الفصيحة ومن منطلق تأصيل لهجتنا الشعبية والتي تتعرض دائماً للانتقاد والتجريح من قبل كثير ممن يظنون أن هذه اللهجات دخيلة على العربية الفصحى، أو أنها غريبة ليست لها جذور في لغتنا الأم أردت أن أبحث في معظم تلك الكلمات من الألف إلى الياء تبعاً لقواعد المعجم، ووجدت أن أغلب تلك الكلمات هي في الأصل فصيحة المنشأ، وقد ركزت بالشواهد الشعرية قدر الإمكان واجتهدت أن تكون من الشعر الشعبي القديم المدون منه وغير المدون ومن أفواه الرواة الثقات، منوهاً بالحقوق الأدبية لجريدة "الرياض" عامة وللكاتب خاصة. ونستهل هذا الأسبوع زاويتنا جذور بباب الحاء الثلاثي "حاب" جاء في اللسان حاب أي رغب وود وهي كذلك في اللهجة الشعبية فيقال فلان حاب يتدخل في الموضوع الفلاني يقول الشاعر: لا جا الخطا من غالي ما الحقه لوم والثالثه يشوفها كان هو "حاب" "حاج" جاءت كلمة حاج على معنيين ففي اللسان حاجّ الشّخص جادله وخاصمه ونازعه بالحجَّة وناظره قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ). وحاج على المعنى الآخر هو قاصد البيت الحرام لأداء النُّسك في موسم الحجّ. وفي اللهجة الشعبية نجد أن نفس المعنيين متداولان في الأوساط الاجتماعية الشعبية فعلى المعنى الأول يقول الشاعر عبدالعزيز الجريفاني: حجيتني في كلمتك ياحبيبي واقفيت كني ياهوى البال مصفوع وعلى المعنى الآخر يقول الشاعر خميس الفهيدي: حجيت يافاطري وألفيت واسقطت فرضي بقداحه "حاد" جاء في اللسان الحاد القاطع وحَدَّ السيف حتى صارَ حادّاً قاطعاً. وفي اللهجة الشعبية يأتي المعنى على نفس المعنى الفصيح يقول الشاعر راضي الربوض: الحاكم العادل وفعله شهيري سيف العروبة ماضي صارم "حاد" "حاذ" جاء في المحيط الحَاذُ: شجرّ من الحَمْضَ من الفصيلة الرمرامية يعظُم، منابته السَّهل والرَّملُ، وهو ناجعٌ في الإبل تُخْصِبُ عليه رَطْبًا ويابساً يقول الأخطل: بِذي خُصَلٍ سَبطِ العَسيبِ كَأَنَّهُ عَلى الحاذِ وَالأَنساءِ غُصنُ إِهانِ وهو كذلك في المعنى الشعبي يقول الأمير محمد السديري: البارحة ياكن بالعين سملول وإلا الحماط مداخله شوك "حاذي" "حار" جاء في الوسيط حارَ إلى الشَّيْءِ: رَجَعَ إِلَيْهِ وحَارَ الماءُ: اجتمع ودار وحارّ: ساخن، ضدّ بارد يقول المتنبي: فَإِذا رَأَيتُكَ حارَ دونَكَ ناظِري وَإِذا مَدَحتُكَ حارَ فيكَ لِساني ويقول الأعشى: إِذ سامَهُ خُطَّتي خَسفٍ فَقالَ لَهُ مَهما تَقُلهُ فَإِنّي سامِعٌ حارِ وفي اللهجة الشعبية وعلى نفس المعنى الأول يقول الشاعر أحمد الناصر: حارت أقدام رجلي في محلي ذراع ما أقدر المشي قدامي ولا أرجع وراي وعلى المعنى الثاني يقول الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن: حبيبي مثل سيف لا تركني ولاقطع راسي عروقي حار فيها الدم ليت الصارم يريقه وعلى المعنى الثالث يقول الشاعر بن جمهور: ندني لك القرناس وانته توارا حيثك خبير وعارفن يدك والحار وعلى المحبة نلتقي غنت طيور الماء على الحاير الجاري