في عام 2013، واجهت الولاياتالمتحدة أكبر حملة تجسس سيبراني تحت اسم "تيتان ريين"، وقد استهدفت هذه الهجمة وكالة الأمن القومي الأميركي، وزارة الدفاع الأميركية بالإضافة لعدد من القطاعات الخاصة. وقد اتهم الكونغرس الحكومة الصينية بهذا الهجوم، وعلى إثر ذلك قامت الولاياتالمتحدة بعقد اتفاقية مع الصين في عام 2015 لوضع حدود العلاقات السيبرانية، ولكن الصين نقضت الاتفاقية عندما قامت بالتجسس على مكتب موظفي الحكومة الفيدرالية والذي أضر ببيانات 20 مليون شخص. فضلاً عن ذلك فقد تعرضت الولاياتالمتحدة لحملات تجسسية أخرى استهدفت وزارة الدفاع الأميركية ووصلت تلك الحملة ل 24.000 ملف من ملفات البنتاغون السرية. كما أنه لم يقتصر تجسس الصين على الولاياتالمتحدة وإنما امتد ليشمل كندا، فكانت حملة "قوست نت" التي قامت بعملية التجسس السيبراني الأخطر في تاريخ حكومة كندا. ولم تسلم دول الشرق الأوسط من التجسسات السيبرانية، ففي عام 2012 واجهت دول الشرق الأوسط إحدى البرمجيات الخبيثة المسمى "فليم"، فكان الهدف منه ليس المساس بأي معلومات أو تغييرها أو محوها وإنما فقط جمعها والاطلاع عليها لأهداف استخبارية، وقد استهدف العديد من القطاعات الحكومية والأكاديمية والاقتصادية وحتى الأفراد، فكان قادراً على الاطلاع حتى على مكالمات الفديو والمحادثات الخاصة. التجسس السيبراني هو الشكل الحديث لتجسسات واختراقات معلومات الدول السرية، ويعرف بأنه فعل الدخول غير المشروع والوصول إلى أسرار في صورة إلكترونية أو من خلال أجهزة الكمبيوتر أو شبكات الإنترنت. هذا النوع من التجسس يتيح للفاعل سرقة المعلومات من أي مكان في العالم وذلك بصفة مجهولة وغير مكلفة وعلى نطاق واسع. ولمعرفة مدى تضمن قواعد القانون الدولي لتنظيمات في هذا الشأن، يجب الرجوع لعملية التجسس ككل، فنجد أن القانون الدولي والقضاء الدولي يفرق بين التجسس في حالة السلم والحرب، ففي حالة السلم لا يوجد قاعدة قانونية دولية تحظره بشكل عام، ولكن يوجد حظر لأفعال تجسسية معينة، ففي المادة 41 (1) من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، نصت على أنه يجب على الموظفين الدبلوماسيين احترام قوانين الدولة المضيفة التي يكون من ضمنها تجريم فعل التجسس على الحكومات، وبذلك يكون التجريم والعقوبة على الصعيد الوطني. وأيضاً إذا كان هذا التجسس في صورة الدفاع عن النفس فتمت إجازته حسب المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة أما إذا كان دفاعاً استباقياً أي قبل حدوث الهجوم فإنه محل خلاف في القانون الدولي بالرغم من أن الولاياتالمتحدة تجيزه وقد أخذت به، أما في حالة الحرب فإن التجسس يعد جريمة وذلك لكونه يؤثر في سير الحرب. وهذا كله ينطبق على التجسس السيبراني مع الأخذ بالاعتبار صعوبة تحديد هوية المتجسس. إن التجسس السيبراني منوط بمصالح الدول وعلاقاتها الدبلوماسية أكثر من منظور القانون الدولي له، لذلك فحظره وإطلاقه مرتبط بتوجهات الدول، وأفضل وسيلة هي عقد اتفاقيات جماعية تضع الإطار العام للتجسس السيبراني وتوضح حدوده.