وقعت كل من الصين وكندا مؤخراً اتفاقية تقضي بالتعهد بعدم التعرض لبعضهم بأي اختراقات إلكترونية أو هجمات سيبرانية، والتي تهدف للتجسس الاقتصادي أو سرقة المعلومات المالية، ولكن لم تتعرض الاتفاقية لأي جانب آخر فيما يخص معلومات المخابرات الوطنية لتلك الدول أو سرقة معلومات ذي طابع سياسي أو اجتماعي. حسب التقارير الخاصة بمعلومات الاختراقات، فإن قطاع الصناعات هو من أكثر القطاعات استهدافاً بالهجمات السيبرانية، 94 % من تلك الهجمات بهدف التجسس الاقتصادي، وتكون صادرة من دول وليس من أفراد أو جماعات، كما أن 91 % من تلك الهجمات تستهدف المعلومات الأكثر سرية في مجال التجارة. وهذه الاتفاقية ليست الأولى من نوعها، فقد كان هناك اتفاق مسبق بين الولاياتالمتحدةوالصين في العام 2015، وذلك بهدف التعهد بعدم الهجوم السيبراني من إحداهما على الأخرى في القطاع الخاص لأهداف تجارية، وتعهدت الدولتان بالتعاون ومشاركة المعلومات والتحقيقات في حال حصول أي هجوم سيبراني ذي هدف اقتصادي، كما تعهدتا بعدم مساعدة القطاعات الاقتصادية أو تسهيل أي عمليات سرقة معلومات في ذلك القطاع. وفي ذات الإطار الاتفاقي، اتفقت ألمانيا مع المملكة المتحدة وأستراليا أيضاً لحماية القطاع الاقتصادي. الصين تعد من الدول المتقدمة في المجال السيبراني، وقد ارتبط اسمها في العديد من الهجمات السيبرانية، ومع ذلك قررت اللجوء إلى تلك الاتفاقيات لحماية مصالحها بعدما رأت التطور الذي تسير به دول العالم على الصعيد السيبراني، أما روسيا من ناحية أخرى فقد يصعب تصور دخولها في مثل تلك الاتفاقيات الثنائية؛ وذلك لوجود عقوبات مقررة عليها مسبقاً، وتركز على الأهداف الجيوسياسية أكثر من الاقتصادية. إن هذه الاتفاقيات تظل محدودة الأثر، والفضاء السيبراني يتطلب أكثر من ذلك، فهو فضاء بلا حدود، والهجمات السيبرانية تعد عابرة للقارات، ولا يمكن تحديد مصدرها أو التنبؤ بها بسهولة، لذلك فالمعاهدة الدولية الجماعية هي المطلوبة، وهي التي تشكل رادعاً قوياً، وستضع قواعد قانونية لمعالجة الانتهاكات السيبرانية وفرض العقوبات. وعلى الصعيد الإقليمي، فقد أصبح من الضروري لدول الخليج أن تولي اهتماماً بالشروع في إعداد اتفاقية إقليمية لتنظيم العمليات السيبرانية فيما بينها، ونظراً لثقل المملكة في المنطقة، وتعدّ رائدة في المجال السيبراني، وتولي له اهتماماً كبيراً فسيكون من المهم أن تكون الانطلاقة والمقترح مقدمين من جانبها، لتكون تلك الاتفاقية تمهيداً لاتفاقية سيبرانية على الصعيد الدولي. Your browser does not support the video tag.