علاقة الإنسان بالفن امتدت منذ بداية وجوده على هذه الأرض، واعتبرها لغة لازمته على مر العصور فالرسومات والنقوش التي وجدوها على جدران إنسان الكهف وعمرها آلاف السنين لم يجدوا تفسيراً للدوافع خلف تلك الرسوم غير الحاجة المُلحّة للتعبير ولغة يترجم بها اهتماماته وأحلامه ومخاوفه.. وكثير من الحضارات ما كنا لنتعرف عليها لولا شواهدها الفنية الباقية عبر التاريخ.. وهنأ يأتي معرض ترانزيت ليكون محطة إنسانية أخرى بلغة بصرية مميزة تفردت بها الفنانة ريم الديني لتحاول رصد لحظات إنسانية عابرة غاية في العمق والتأثير ولكنها لحظية لوجوه مجردة يصعب تمييز هويتها بين جنس أو لون أو عرق، مجردة حتى من الشعر لِتُبعد أي تفسير عنها سوى الإنسان وحالته التي تختبئ في كل لوحة خلف الملامح والعيون والخطوط والألوان وحركة الفرشاة وخطوط وهمية بعيدة عن أي تركيز على التباين أو الظلال رغم تمكنها الواضح من تلك الأساسيات في أعمالها السابقة.. إلا أنها أصرت أن تجعلها صادقة وبسيطة وعفوية أكثر.. أي "كما هي".. في تلك اللحظة من لحظات "ترانزيت" ليكون محطة لكل إنسان.. وإنساناً لكل محطة.. والمتابع لأعمال ريم الديني.. يجد حضور الإنسان فيها كحالة أكثر من مجرد بورتريه عادي وبشكل مستمر بألوان مُركبة كالشخوص التي ترصدها فعندما تُقرأ الشخصيات المُركبة تكون أكثر تعقيداً، وهذا ما يجعل التعبير عنها لدى ريم مُتعة وتحدياً لتبسيط هذا المفهوم من خلال الخط واللون وأحياناً الملمس ليتناول المتلقي جُرعة من الإحساس قد يبدو لحظياً حين النظر إلى العمل لكنه يعيش داخله.. كما عاشت تلك الوجوه والملامح داخل ذاكرة الفنانة.. ودائماً ما تذكرني أعمال الديني بعبارة قرأتها على مدخل متحف اللوفر بأبوظبي "أنت إنسان.. فيك الكون كامل" فالإنسان هو محور العملية الفنية التي مارسها عبر الزمن لتكون هي جزءاً منه ويكون هو جزءاً منها.. كما تعتبر محطة ترانزيت محطة مهمة للفنانة ريم، حيث صنعت امتداداً لما سبق من أعمالها وما سيأتي لاحقاً إن شاء الله ليكون جزءاً من قصة طويلة أهم مفرداتها "الإنسان". * فنان تشكيلي من أعمال ريم الديني