يستمر البرلمان البريطاني على مدار الأسابيع المقبلة في مناقشة خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وكون المملكة العربية السعودية من أهم أصدقاء المملكة المتحدة في المنطقة، فإنني على يقين أن العديد من السعوديين لديهم اهتمام قوي بالوضع السياسي في بلدي، لكن ماذا يعني ذلك بالنسبة للعلاقة بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية؟ إن المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة صديقان وشريكان لمدة تربو على قرن من الزمان، وهو أساس قوي لبناء شراكة استراتيجية على مدار القرن المقبل في غضون قيام المملكة العربية السعودية بتحقيق رؤية 2030 ومغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي. كما أن الروابط بين شعبينا قوية: يقوم بزيارة المملكة العربية السعودية أكثر من 125000 بريطاني كل عام لأداء العمرة، و25000 ألف لأداء مناسك الحج. وفي عام 2017 قام ما يزيد عن 161000 سعودي بزيارة المملكة المتحدة لقضاء عطلاتهم. وأنه لمن دواعي سروري أن تعد المملكة المتحدة موطناً لعدد متزايد من الطلاب السعوديين: وصل عددهم حالياً لما يزيد عن 10000 طالب. وبالطبع تعد التجارة عنصراً أساسياً في علاقتنا الثنائية وستظل كذلك، وحكومتينا ملتزمتان ببناء الرخاء في كلا البلدين وللشعبين، حيث لدينا قصة جيدة لنحكيها، فقد بلغت قيمة التجارة الثنائية بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية عام 2017 تسعة مليارات جنيه إسترليني، وبينما تغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي، سنبقي وجهة رئيسة وبوابة دولية للأعمال والاستثمار إلى داخل وعبر المملكة المتحدة. إذ نحتل المرتبة الخامسة ضمن قائمة أقوى الاقتصادات العالمية، والدولة الأولى أوروبياً فيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي المباشر، ونتبوأ المرتبة السابعة ضمن مئة وتسعين اقتصاداً عالمياً وفقاً للبنك الدولي فيما يتعلق بسهولة القيام بالأعمال التجارية، ونحتل المرتبة الثالثة على مؤشر الإبداع العالمي، والمرتبة الثانية على قائمة تصنيف القوة الناعمة، كما تعد المملكة المتحدة موطناً لأربعة من أفضل عشر جامعات على مستوى العالم. ونمتلك مواطن قوى خاصة في مجالات تقوم المملكة العربية السعودية بالبحث عن شركاء لتحقيق رؤية 2030 في شأنها مثل التعليم والثقافة والرياضة والترفيه. إن مجلس الشراكة الاستراتيجية الذي تم تأسيسه من قبل صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ودولة رئيسة الوزراء البريطانية السيدة تيريزا ماي، حيث قد تم وضع الأساس والإجراءات للمضي قدماً في شراكتنا في هذه القطاعات علاوة على قطاعات أخرى تعد المملكة المتحدة رائدة عالمية فيها ويشمل ذلك مجال الرعاية الصحية والطاقة. لذا وبكل ثقة وعلاقات ثنائية وطيدة مع شركائنا في جميع أنحاء العالم، نقترب من الخروج من الاتحاد الأوروبي. إن مبادئ الحكومة البريطانية واضحة، فنحن نرغب في خروج سلس ومنظم من الاتحاد الأوروبي يحمي اتحادنا، ويمنحنا السيطرة على حدودنا وقوانينا، ويمكننا من إبرام شراكات تجارية جديدة بشكل أوثق. ستجري الحكومة الآن محادثات مع الاتحاد الأوروبي تتمحور حول كيفية معالجة وجهات نظر البرلمان البريطاني فيما يتعلق بالاتفاق الذي تم التفاوض عليه، كما أكدت دولة رئيسة الوزراء التزامها حيال العمل مع البرلمانيين عبر المجلس لتنفيذ القرار الذي اتخذه الشعب البريطاني عام 2016. ستفي الحكومة البريطانية بتفويض الشعب البريطاني، وستغادر الاتحاد الأوروبي على نحو يعم بالفائدة على كل جزء من مملكتنا المتحدة، وكافة مواطني بلدنا. وخلال هذه العملية ستبقى المملكة العربية السعودية شريكاً أساسياً للمملكة المتحدة وكذلك المملكة المتحدة بالنسبة للمملكة العربية السعودية وذلك في غضون عملنا سوياً لتحقيق الفائدة للمملكتين وللشعبين. * السفير البريطاني لدى الرياض