كشف تقرير اقتصادي حديث عن أن قيمة الاستثمارات السعودية في المملكة المتّحدة 62 بليون جنيه إسترليني في العام الماضي (حوالى 301 بليون ريال سعودي)، وأن المملكة العربية السعودية تتطلّع بتفاؤل حيال تداعيات الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي على السوق المحلية، نظراً إلى المكانة الاقتصادية العالية التي تتبوّأها المملكة بصفتها واحدة من أكبر الشركاء الاستراتيجيين للمملكة المتّحدة في منطقة الشرق الأوسط بحجم صادرات تجاوزت قيمتها الإجمالية حاجز 5.5 بليون جنيه إسترليني خلال العام الماضي. وبين التقرير الذي حمل عنوان «لماذا الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي مهم بالنسبة إلى دول الخليج العربي»، الذي أصدرته مجموعة «أورينت بلانيت للأبحاث»، أن السعودية اتخذت سلسلة من التدابير الوقائية، التي تمثّلت بإعادة النظر بسياساتها الاستثمارية، بعد صدور نتائج الاستفتاء الأوروبي، وسط تحذيرات الخبراء من مخاطر اقتصادية قد تتكبّدها السوق السعودية في حال دخول الاقتصاد البريطاني مرحلة الركود، الأمر الذي من شأنه أن يشكّل عائقاً أمام الجهود الاقتصادية الحثيثة التي تبذلها الحكومة السعودية تحقيقاً لمستهدفات «رؤية 2030». واعتبر التقرير أن الانسحاب البريطاني يفتح آفاقاً واسعة لترسيخ العلاقات الثنائية القوية بين دول مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتّحدة، ما من شأنه أن يعود بالمنفعة الكبيرة على منطقة الخليج العربي التي تواصل الجهود الحثيثة لترسيخ مكانتها، بوصفها قوة اقتصادية رئيسة على الخريطة العالمية. ورجح التقرير الذي أصدرته وحدة «أورينت بلانيت للأبحاث» أن تشهد العلاقات التجارية المتبادلة بين المملكة المتّحدة ودول الخليج العربي تطوّراً ملحوظاً في الفترة المقبلة بالنظر إلى مساعي بريطانيا لترسيخ حضورها الاستثماري في الأسواق غير الأوروبية، في خطوة طموحة للتعويض عن الخسائر الفعلية في السوق الداخلية، غير أن العلاقات الاستثمارية بين الدول الخليجية والمملكة المتّحدة تبقى رهناً بمدى متانة العلاقات الفردية التي تجمع بين الطرفين. ويرصد التقرير التأثيرات الاقتصادية التي يُتوقّع أن يُحدثها الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي على الأسواق الخليجية، وتضمّن دراسة مرجعية شاملة للوقوف على أهم الأساليب والركائز الأساسية الواجب إتّباعها في المجال الاستثماري لتعزيز آليات اتّخاذ القرارات التجارية وصياغة الخطط الاستراتيجية المتكاملة لدفع مسيرة النمو والتطوّر الاقتصادي والاستثماري في منطقة الخليج العربي في ضوء الانسحاب البريطاني الوشيك. وقال المدير العام لمجموعة أورينت بلانيت إن التداعيات المحتملة لخروج المملكة المتّحدة من الاتحاد الأوروبي موضع اهتمام مشترك بالنسبة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، مشيراً إلى أن التقرير خلص إلى أن تداعيات الانسحاب البريطاني لن تؤثّر بالشكل الكبير في الأسواق الخليجية على المدى المتوسّط إلى الطويل، في حين من المتوقّع أن تواجه أسواق المال والعملات جملة من التحديات ذات الصلة على المدى القصير. وأظهر التقرير أن قرار الانسحاب البريطاني سيكون له وقع إيجابي على مستوى تعزيز العلاقات الثنائية بين المملكة المتّحدة والدول الخليجية، الذي بدأ يتجلّى عبر الإجراءات الاستراتيجية التي اتّخذتها كل من الإمارات والبحرين خلال العام الماضي للدخول في اتّفاق تجاري ثنائي من شأنه مضاعفة حجم التبادل التجاري الحالي بين الإماراتوبريطانيا ليصل إلى 135.24 بليون درهم بحلول 2020، إضافة إلى إبرام كل من الدولتين اتّفاقاً لتجنّب الازدواج الضريبي خلال العام الحالي. وعلاوة على ذلك، من المتوقّع أن يسهم تراجع الجنيه الإسترليني في تباطؤ التوافد السياحي البريطاني إلى المنطقة، وكذلك خفض النشاط الاستثماري الخليجي في قطاع الطيران البريطاني الذي تستحوذ كل من قطر وأبوظبي على حصّة فيه. وبالنظر إلى قطر، التي تعد ثالث أكبر سوق لصادرات المملكة المتّحدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع وصول حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو 4 بلايين دولار خلال العام الماضي، بيّن التقرير أن صندوق الثروة السيادية القطري يحظى بالإمكانات والفرص المواتية لدعم عمليات الاستحواذ في السوق البريطانية. وبالنسبة إلى الدول الخليجية الأخرى، مثل الكويت، من المتوقّع أن تبقى الاتّفاقات الثنائية القائمة في مأمن من التداعيات الاقتصادية المحتملة للانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي، وذلك مرده إلى امتثال كلا الطرفين لقوانين التجارية الدولية. وفي ما يتعلّق بدبي، أظهر التقرير أن الإمارة تقف على أعتاب مرحلة جديدة من النمو والتطوّر في الفترة المقبلة، مثنياً على المكانة التنافسية العالمية التي تكتسبها دبي، باعتبارها مركزاً مالياً عالمي المستوى ووجهة جاذبة لكبرى الشركات العالمية الراغبة في ترسيخ حضورها الإقليمي في المنطقة، إضافة إلى الجهود الحثيثة التي يبذلها «مركز دبي المالي العالمي» في إطار استراتيجيته الطموحة الهادفة إلى استقطاب ما يزيد على 1000 من كبرى المؤسّسات والشركات المالية العالمية للاستثمار في المدينة.