يعود المخرج الفرنسي "سيريل ديون Cyril Dion" لإدهاش الجمهور بفيلمه الوثائقي الجديد الذي يحمل عنوان "بعد غد Après Demain" الذي عرضته القناة التلفزيونية الفرنسية الأولى يوم 11 ديسمبر 2018، ويجيء هذا الفيلم "بعد غد" ليكون بمثابة تكملة لمشروعه الذي بدأه في فيلمه الأول الصادر العام 2015 بعنوان "غداً Demain" والذي حقق نجاحاً عالمياً وقاد للتوعية بالتجارب الرائدة التي لجأت لها بعض المجتمعات الصغيرة للحد من التغيرات المناخية المدمرة. "بعد غد" هو عبارة عن رحلة طويلة بالسيارة قام بها الفنان سيريل ديون وشريكته الممثلة الفرنسية ميلاني لوران متنقلين في فرنسا لكي يتابعا تداعيات فيلمهما الأول "غداً"، هذا الفيلم الذي لم يلفت الأنظار فور صدوره لكنه وتدريجياً نجح في لفت أنظار العالم لقيمته سواء الفنية أو الاجتماعية، حيث نال جوائز متعددة كأهم فيلم وثائقي، كما تمت دعوة الفنان وشريكته مخرجة الفيلم من قبل الأممالمتحدة لتمثيل حماة البيئة وتكريمهما لدورهما في التوعية بضرورة اتخاذ موقف جماعي - شعبي ونخبوي ومن قبل السلطات الدولية - لتعزيز مشروعات مواجهة التغيرات المناخية المدمرة. في الفيلم "بعد غد" نفاجأ بتنامي البذرة التي بذرها سيريل ديون وذلك في مواقع متفرقة في فرنسا، حيث واحتذاءً بفكرة اختراع التجمعات الصغيرة لعملتها المالية فقد انتشرت فكرة "العمْلَة الخاصة" في مدن وقرى فرنسية عديدة، وتستعمل تلك العملات كوسيط لعمليات مقايضة بين السكان، ولقد تبنت البنوك تلك العملة واعترفت بها مما منحها قوة شرائية لا تختلف عن قوة اليورو. ومن الطريف التجربة التي قام بها المدير العام للبريد، الذي سخر قدراته من موقعه المهم لتجربة الزراعة لسد حاجات الجماعات الصغيرة، فقام بمنح تراخيص للزراعة على سطح مبنى البريد الضخم بالمنطقة الثامنة عشرة من باريس، وذلك للراغبين في التطوع للقيام بالتجربة، وقد انضم لهذا المشروع الجريء مختلف فئات الشباب سواء من محترفي الزراعة أو من الهواة، يجمعهم الهدف الواحد، ألا وهو زراعة محاصيل تسد الحاجة المحلية، وذلك بطرق تتجنب المسمدات الكيميائية وتعتمد أساليب صحية لا تضر البيئة ولا إنسانها، وبالفعل نجد المحاصيل من الخضراوات التي تغطي الحاجة الاستهلاكية اليومية تنضج، ويتخصص فريق لحصدها وفريق آخر يقوم بتعبئتها في أكياس حسب قوائم احتياجات المستهلكين المنضمين للمشروع وبالتالي توزيعها دورياً، وقد نجحت التجربة في إشباع حاجة المتطوعين والمنطقة بأسرها، ووفر المشروع مساحات خضراء مثل واحة بقلب العاصمة الفرنسية تساعد على تنقية الجو. مشروعات جريئة يتابعها هذا المغامر سيريل ديون مناشداً البشر، "لا تيئس، أقل القليل يصنع الفرق، امنح كتفاً لحمل مسؤولية حماية الكوكب وإنسانه".