مليارات الريالات ينفقها السعوديون على السياحة في تركيا التي تنعكس سلباً بالتحريض والمؤامرات الإعلامية ضدنا، ومع ذلك نرى أن تركيا دولة سياحة جاذبة بسبب موقعها الجغرافي المتميز وجوها المعتدل والتنوع في طبيعتها والأسعار المنخفضة نسبياً مقارنة مع الأسعار في أوروبا ولقد عملت الحكومة التركية خلال السنوات الماضية على استثمار السياحة كمصدر رئيس للدخل ونجحت في ذلك حيث كان عدد السياح في عام 2002 لا يتجاوز 2 مليون سائح حتى وصل إلى 31 مليون سائح في نهاية عام 2017 ينفقون حوالي 100 مليار دولار، السياح الروس هم أكثر السياح الذين يتوافدون سنوياً على تركيا حيث وصل عددهم الى 4.7 ملايين سائح ثم الألمان بحوالي 3.6 ملايين سائح ووصل عدد السياح السعوديين إلى أكثر من 675 ألف سائح بنهاية عام 2018 أنفقوا ما يقارب تسعة مليارات ريال وهذا الرقم من الإنفاق يعد من أعلى الأرقام التي يتم ضخها في شرايين الاقتصاد التركي، صحيح أن السياح الروس والألمان أعدادهم أكبر ولكن إنفاقهم أقل بكثير لأن سياحة الأجانب تختلف كثيراً عن سياحة السعودي حيث إن السائح الأوربي يخطط للرحلة مبكراً وعن طريق قرويات سياحية ولذلك تنخفض تكلفة السائح الأوربي عن السائح السعودي الذي في الغالب لا يخطط للرحلة إلا قبل أيام من سفره ولذلك يدفع أكثر في السكن والتنقل ناهيك عن التسوق المصاحب لسياحة السعودي وتتسبب في مضاعفة الإنفاق، لم يقتصر إنفاق السعوديين في تركيا على السياحة فقط بل إن التنمية العقارية التي حصلت في تركيا كان للسعوديين أثر كبير فيها بل إنها صُممت لاجتذاب السعوديين ولذلك خرجت أموال كبيرة من الاقتصاد السعودي إلى الاقتصاد التركي وللأسف تبخرت تلك المليارات مع انخفاض الليرة التركية ولو أنفقت في الداخل لحافظ المستثمرون عليها وساهموا في تنمية وطننا. السعودية فعلياً غير مستفيدة من تركيا اقتصادياً حتى إن تصدير النفط لتركيا قليل جداً بل إنه شبه معدوم لذلك لا توجد أي مصالح اقتصادية فعلية للسعودية في تركيا، ولو تمت مقاطعة تركيا لن تتأثر المملكة اقتصادياً ولكن ذلك قد يتسبب في انهيار للاقتصاد التركي الهش وقد رأينا ذلك عملياً بعد عملية اغتيال السفير الروسي وتوقف السياحة الروسية وبعدها قدم أردوغان قرابين الطاعة والولاء للرئيس بوتين من أجل إعادة السياح الروس، قضية القس الأميركي برونسون تسببت هي الأخرى في انهيار الليرة التركية، حيث تراجعت بنسبة 19 % في يوم واحد مقابل الدولار، وذلك بعدما أصدر الرئيس الأميركي، أمراً بمضاعفة رسوم الصلب والألومنيوم على تركيا، بل إن تغريدة للرئيس الأميركي ترامب قبل أسبوعين بتدمير الاقتصاد التركي لو هاجمت الأكراد أيضاً هوت بالليرة إلى مستوى 5.53 مقابل العملة الأميريكية، وهذا يعطي مؤشرات قوية على هشاشة الاقتصاد التركي في ظل حكومة أردوغان والذي حمل الاقتصاد والبنوك التركية ديوناً خارجية ضخمة قد تعجز عن الوفاء بها عند مواعيد استحقاقها. حكومة تركيا تمارس سياستها العدائية ضد المملكة عبر الخطابات الرسمية للمسؤولين أو من خلال وكالة الأناضول الرسمية أو من خلال التسريبات للإعلام المعادي للمملكة أو عبر ولايتها القطرية وقناة الجزيرة وقد حاولت استغلال قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي في تأليب الرأي العام الدولي على المملكة العربية السعودية ومحاولاتها الحثيثة من أجل فرض عقوبات اقتصادية على المملكة بل إنه لأول مرة نرى رئيس دولة يكتب مقالاً صحفياً في صحيفة أجنبية لكي يحرض على دولة أخرى، وهو ما فعله أردوغان عندما كتب مقالة في صحيفة الواشنطن بوست يحرض على المملكة في قضية خاشقجي، وعندما فشلت جميع محاولاته في ابتزاز المملكة، اتجه إلى طلب تحقيق دولي في القضية وذكر وزير خارجيته أن دولاً غربية تحاول التستر على القضية، وأن الرئيس التركي أردوغان قد أعطى أوامره بتحويل قضية خاشقجي إلى مستوى دولي مع العلم أن القضية انتهت بالنسبة للسعودية بعد إعلانها وقوع الحادثة في قنصليتها وتوجيه الاتهام للجناة وتقديمهم للمحاكمة فالجريمة وقعت على أرض سعودية والجناة سعوديون والمجني عليه سعودي وتركيا ليس لها أي طرف في هذه القضية ولكن سياستها العدائية للمملكة جعلتها تستغل هذه القضية من أجل ضرب مصالح المملكة التي تقف غصة في حلقها وتقوض سياساتها التوسعية في المنطقة ومحاولة سحب البساط من المملكة التي استطاعت بفضل سياساتها المتوازنة من زعامة العالم الإسلامي وهو ما يغيظ الحكومة التركية، ولن تتوقف حكومة تركيا عن العبث ومحاولات التخريب ودعم الجماعات المتطرفة واحتضان المعارضين وتسليط الإعلام المعادي على المملكة، ولذا من واجب كل مواطن أن يتوقف عن دعم الاقتصاد التركي بأي شكل من الأشكال ويجب أن نستغل هذه القوة الناعمة في تغيير سلوكها العدواني على المملكة. إذا كانت السياحة مصدراً قوياً للدخل فإن رؤية المملكة 2030 تستهدف هذه الصناعة من أجل تنويع مصادر الدخل أولاً وتغير وجهة السائح السعودي من أوروبا أو شرق آسيا إلى السياحة الداخلية في مناطق جديدة جاذبة وآمنة وتحافظ على خصوصيتنا مثل مدينة نيوم التي وضع أساسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان العام الماضي وقضى إجازته السنوية فيها لأول مرة، وتمتاز مدينة نيوم بطقس جميل فريد، أكثر برودة من المناطق المحيطة به بحوالي 10 درجات مئوية. أضف إلى ذلك تنوع تضاريسها حيث الجبال التي يتجاوز ارتفاع بعضها 2,500 متر، والتي تغطي الثلوج قمم بعضها في فصل الشتاء، والصحراء الشاسعة المنبسطة، والشواطئ الخلابة الممتدة على طول 460 كيلومتراً، وكذلك مشروع البحر الأحمر وتنوع الجزر وجمالها وغيرها من المشروعات التي ستجعل من المملكة مقصداً للسياحة في المستقبل وتعالج مسألة التسرب الاقتصادي، وتخلق فرصاً جديدة للاستثمار وفتح المزيد من الفرص الوظيفية للمواطنين.