اندلعت مواجهات مساء السبت في فرنسا، خصوصًا في باريس، بين قوّات الأمن وناشطي «السترات الصفراء» الذين تظاهروا في يوم تعبئة جديد ضدّ سياسة الرئيس إيمانويل ماكرون. وأعلنت وزارة الداخليّة الفرنسيّة أنّ نحو 84 ألف شخص تظاهروا السبت في كلّ أنحاء فرنسا في إطار احتجاجات «السترات الصفراء»، ما يعني زيادة بنحو 50 ألف شخص عن عدد الذين تظاهروا السبت الماضي. وقال وزير الداخلية كريستوف كاستانير إنّ «حسّ المسؤولية غلب على إغراء المواجهة» في باريس، موضحًا أنّ نحو ثمانية آلاف شخص ساروا في العاصمة «من دون تسجيل أيّ حادث مهم». في باريس، سجّلت مشاركة ثمانية آلاف متظاهر انطلقوا من أمام وزارة الاقتصاد شرق العاصمة وتوجّه معظمهم بهدوء إلى جادّة الشانزليزيه. لكنّ مواجهات اندلعت بعد الظهر بين قوّات الأمن ومتظاهرين. وفي ساحة بلاس دو ليتوال، أعلى الشانزيليزيه، شهد مراسل وكالة فرانس برس إطلاق الغاز المسيل للدموع قرب نصب قوس النصر الذي سبق أن شهد مواجهات عنيفة في الأوّل من ديسمبر، إضافة إلى استخدام خراطيم المياه. وفي آخر حصيلة لشرطة باريس، اعتُقل 59 شخصًا السبت في العاصمة. وكانت السُلطات تخوّفت من أعمال عنف، فنشرت عددًا كبيرًا من عناصر الأمن زُوّدوا آليّات مصفّحة. وفي مناطق فرنسيّة أخرى، سُجّلت أيضًا مشاركة كبيرة، كما في مدينة بورج (وسط) حيث تظاهر نحو 4800 شخص بهدوء فيما اختار نحو 500 آخرين التوجّه إلى وسط المدينة رغم حظر أيّ تجمّع فيه. واندلعت هناك أولى المواجهات قرابة الساعة 15,00 (14,00 ت غ). وأشارت الشرطة إلى اعتقال 18 شخصًا، كان خمسة منهم يستقلّون سيّارة عثر فيها على كرات معدنيّة يُمكن استخدامها لرشق قوّات الأمن. وكان وزير الداخليّة قال الجمعة «مَن يدعون إلى تظاهرات الغد يعرفون أنّ أعمال عنف ستندلع، وبالتالي فإنّ جانبًا من المسؤوليّة يقع عليهم». ويوم الاحتجاج هذا يُشكّل اختبارًا لماكرون وحكومته. ولا تزال حركة الاحتجاج التي لها آثار على الاقتصاد بحسب السلطات، تحظى بشعبية لدى الرأي العام رغم أعمال العنف التي تتخللها. وأثارت تصريحات لماكرون الجمعة انتقادات بعدما قال «إنّ الاضطرابات التي يشهدها مجتمعنا سببها أحيانًا أنّ الكثير من مواطنينا يعتقدون أنّ بالإمكان الحصول» على شيء «بلا جهد». ومن المقرّر أن تبدأ السلطات الثلاثاء حوارًا وطنيًا لتقريب الناس من صنّاع القرار السياسي. ودعا ماكرون الجمعة الفرنسيّين إلى اغتنام «هذه الفرصة الكبيرة جدًا». وجعلت السلطات من هذا الأمر أولويّة في الأشهر الأولى من العام وترى فيه بوّابة خروج من الأزمة الاجتماعية وأيضًا فرصة لإمكان استعادة زمام المبادرة سياسيًا. لكنّ التحدّي يبدو كبيرًا، إذ أفاد استطلاع للمعهد الفرنسي للبحوث السياسيّة الجمعة أنّ انعدام الثقة بالمؤسّسات السياسيّة في فرنسا وخصوصًا بماكرون، بلغ أعلى مستوى له. المتظاهرون يسيرون عبر الغاز المسيل للدموع قرب قوس النصر (رويترز)