أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن بلاده عازمة على تعزيز الشراكة مع حلفائها في المنطقة لدحر الإرهاب. ورأى بومبيو في مؤتمر صحفي مع نظيره المصري سامح شكري في القاهرة أمس الخميس، أنه "لا يوجد تناقض في مسألة سحب القوات الأميركية من سورية"، وأن الولاياتالمتحدة ملتزمة بتنفيذ قرار سحب القوات الذي أعلنه الرئيس دونالد ترمب الشهر الماضي. وقال بومبيو: إن زيارته للقاهرة "تؤكد الشراكة المتينة بين واشنطنوالقاهرة"، وأعرب عن الامتنان للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لدعمه الحرية الدينية، وذلك بعد أيام من افتتاح السيسي أكبر كاتدرائية في المنطقة. من جانبه قال شكري: إن تعدد الاجتماعات بين الجانبين المصري والأميركي يساعد الطرفين في تعزيز العلاقات الثنائية والتنسيق بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك. ولفت إلى أن من الأمور التي تطرق إليها في المحادثات مع بومبيو قضية سد النهضة الإثيوبي والجمود الراهن في المفاوضات المتعلقة به، إضافة إلى الوضع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأعرب شكري عن "التقدير للمساعدات الأميركية المقدمة لمصر والتي تخدم مصالح البلدين وأهمية الحفاظ على وتيرتها وزيادتها في ضوء التحديات التي نتصدى لها معا خاصة دعم مصر في حربها ضد الإرهاب وما يعود بمنافع مؤكدة للجانبين ويحقق مصالحهما في آنٍ واحد ويسهم في الاستقرار والأمن الدوليين". من جانبه قال الوزير بومبيو: إن العمل على الإعداد لعقد هذه اللقاءات مهم خاصة وأنها تغطي عدة مجالات "ونحن مصممون للعمل معا للتنسيق لدعم ليس فقط علاقتنا الثنائية ولكن أيضا قضايا المنطقة"، لافتا إلى أن انخراط الولاياتالمتحدة في العديد من الموضوعات. وردا على سؤال حول الانسحاب الأميركي من سورية والتنسيق بين تركياوالولاياتالمتحدة قال بومبيو: "إننا منخرطون في مباحثات عميقة مع تركيا، والسفير جيفري المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية موجود بالمنطقة لإجراء مباحثات للتوصل إلى تفاهمات". وحول التناقض بين ما أعلنه الرئيس دونالد ترمب من سحب قواته في سورية في ضوء القضاء على تنظيم داعش وتناقض ذلك مع التصريحات الأميركية الصادرة بعدها ثم تراجع ترمب في فترة الانسحاب وهل يعني ذلك تغيير ترمب قراره بسحب القوات قال بومبيو: "إنه لا يوجد تناقض، والإعلام فقط هو الذي يرى ذلك وهو الذي اختلقها لكن الرئيس ترمب كان واضحا في أن الحرب على داعش مستمرة، وبطرق مختلفة، وقد أصدر ترمب قرار الانسحاب من سورية ونحن سننفذ ذلك وسنستمر في سحب القوات من سورية". إلى ذلك، اتهم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بنشر الفوضى في الشرق الأوسط جراء فشله في التصدي للمتشددين بشكل مناسب، في انتقاد لاذع لسياسات سلف الرئيس دونالد ترمب. وفي كلمة في العاصمة المصرية القاهرة، حيث ألقى أوباما خطابا مهما في 2009 في أولى سنوات رئاسته، هاجم بومبيو أوباما بالقول إن الرئيس الديمقراطي السابق أساء فهم الشرق الأوسط، وتخلى عنه فعليا. وأثارت التصريحات دهشة في الولاياتالمتحدة وخارجها لأسباب، أهمها أن ترامب نفسه يواجه انتقادات بسبب خطته المبهمة التي أعلنها الشهر الماضي لسحب القوات الأميركية من سورية. ورغم أن توقيت هذا القرار لم يتضح بعد، فإنه ينظر له على نطاق واسع على أنه تخل عن المنطقة، ما يصب في مصلحة روسياوإيران غريمتي واشنطن. وقال بومبيو في كلمة بالجامعة الأميركية في القاهرة «تعلمنا أنه عندما تنسحب أميركا، تحل الفوضى. وعندما نهمل أصدقاءنا، يتنامى السخط. وعندما نتشارك مع أعدائنا، يتقدمون». ويقوم بومبيو بجولة في المنطقة لتفسير الاستراتيجية الأميركية بعد إعلان ترمب المفاجئ سحب كل الجنود الأميركيين وعددهم 2000 من سورية، الأمر الذي أثار قلق حلفاء وصدم مسؤولين أميركيين كبارا، ودفع وزير الدفاع جيم ماتيس إلى الاستقالة. ومن غير المعتاد لوزير خارجية أميركي أن يلقي كلمة في عاصمة أجنبية ويهاجم فيها رئيسا سابقا، لكن ترمب سعى بشكل مستمر للتقليل من شأن سلفه، وغير سياسات أوباما في قضايا مثل الاتفاق النووي مع إيران، والاتفاقات التجارية، واتفاقية باريس للمناخ، فضلا عن سياسات داخلية. ووصف بومبيو بلاده بأنها «قوة خير» في الشرق الأوسط، وسعى إلى طمأنة الحلفاء بأن واشنطن ستظل ملتزمة «بالقضاء الكامل» على الخطر الذي يمثله «داعش»، رغم قرار ترمب الانسحاب من سورية. وانتقد بومبيو ما وصفه برغبة أوباما «في السلام بأي ثمن»، التي دفعته لإبرام الاتفاق النووي عام 2015 الذي وافقت إيران بموجبه على الحد من برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية. وانسحب ترمب من الاتفاق هذا العام، ومضى فيما تصفه إدارته بسياسة ممارسة «أقوى ضغط ممكن» على إيران في مسعى لإجبارها على تقييد البرنامج النووي وأنشطتها للصواريخ الباليستية والكف عن دعم قوات تخوض حربا بالوكالة في سورية والعراق واليمن ولبنان. وقال بومبيو «الأنباء الطيبة هي أن عصر الشعور الأميركي الذاتي بالعار انتهى، وولت معه السياسات التي تسببت في كل هذه المعاناة غير الضرورية، والآن تأتي البداية الجديدة الحقيقية». كان أوباما قد دعا، في خطابه الذي ألقاه في جامعة القاهرة في يونيو حزيران 2009، لتفاهم متبادل أفضل بين العالم الإسلامي والغرب، وقال إن على الجانبين بذل مزيد من الجهود للتصدي للفكر المتطرف العنيف. ونتيجة لذلك اتهم الجمهوريون أوباما بالاعتذار للعالم عن أفعال الولاياتالمتحدة بالخارج، وهي نقطة شدد عليها المرشح الجمهوري للرئاسة ميت رومني خلال محاولته هزيمة أوباما في انتخابات 2012.