أخذت ظروف الحياة الصحفية البريطانية "هيلين رسل" للعيش في الدنمارك، وذلك بعد أن تلقى زوجها عرضاً للعمل في شركة "ليغو" هناك. كانت هيلين مترددة في اتخاذ القرار، خشية خوض تجربة في بلد غريب. إلا أنه خلال خوضها لتلك المغامرة، جعلها تؤمن بأن فيها ما يستحق الاهتمام، لذا قررت مشاركة العالم تجربتها عبر كتاب أسمته "سنة من العيش على الطريقة الدنماركية، اكتشاف أسرار البلد الأسعد في العالم". خلال هذا الكتاب استكشفت هيلين الأسباب التي جعلت الدنماركيين يصلون هذه المستويات العالية من السعادة، وعبر خليط من تأملات وبحث وحوارات، خرجت باستنتاجات مثيرة للاهتمام حول سر سعادة الدنماركيين، حيث تكمن تلك السعادة في تفاصيل صغيرة يتعلمونها منذ الصغر، فهم مثلاً لا يعقدون آمالاً كبيرة على الحياة، إذ يعيشونها بشكل واقعي عملي، فالمنزل الكبير يحتاج إلى الكثير من الجهد لتنظيفه، والسيارة الكبيرة تكلف ضرائب طائلة، من الممكن عيش الحياة بشكل بسيط وأنيق، وذلك ما يجعلها سعيدة بحسب الدنماركيين. تقول هيلين: في هذا البلد يعرف الناس كيفية الموازنة بين حياتهم الشخصية والعملية، فرغم الاقتصاد المزدهر والتقدم الحضاري الكبير الذي تعيشه هذه البلد، إلا أن المفاجئ أن الشعب الدنماركي لا يعمل أكثر من 34 ساعة في الأسبوع، أي ما يقارب 6 ساعات ونصف يومياً، وبالتالي يتبقى لديهم الكثير من الوقت يومياً لقضائه ما بين هواياتهم والاسترخاء والتواصل الاجتماعي. هذه المعادلة بين قصر وقت العمل وازدهار الاقتصاد، تعني أن تلك الساعات القصيرة يتم قضاؤها بشكل عملي وفعال جداً، كما تعني أيضاً أن سعادة الإنسان تنعكس على فعاليته وإنتاجيته في العمل. على المستوى الإنساني، وبحسب مؤلفة الكتاب، هنالك عدة فضائل يتميز بها الدنماركيون، فهم مثلاً يتمتعون بمستويات عالية من الثقة في الآخرين، يثقون في الحكومة وفي الغرباء وفي جيرانهم، حسن الظن هو المقدم دائماً لديهم، وبحسب الإحصائيات، تصل نسبة ثقة الدنماركيين بالآخرين إلى 79 % وهي نسبة عالية جداً مقارنة بمجتمعات أخرى. كما أن الحرية الشخصية لديهم أمر مقدس لا يمكن المساس به، لك أن تعيش بالطريقة التي تلائمك، ما دمت في إطار القانون الذي، بطبيعة الحال، يحظى باحترام كبير لدى الدنماركيين. وأخيراً.. يولي الشعب الدنماركي أهمية كبيرة بمنازلهم، فهم معروفون بذوقهم العالي في اختيار الأثاث وفن التصميم الداخلي، ويعود اهتمام الدنماركيين بمنازلهم وجمال تصاميمها داخلياً وخارجياً إلى العشرينات الميلادية، حيث أولت الحكومة اهتماماً كبيراً بهذا الأمر، رغم الصعوبات الاقتصادية التي مرت بها البلد، وذلك إيماناً منها بأن التصميم الجميل، خصوصاً للمنازل، هو عنصر أساسي للرفاهية والسعادة.