تعتبر جريمة الرشوة من أسوأ صور قضايا الفساد في كل دول العالم والتي حرص نظام مكافحة الرشوة على تجريمها ويتمثل الركن المادي لجريمة الرشوة في فعل الموظف العام الذي يصدر منه سواء كان طلباً أو قبولاً أو أخذاً، أما القصد الجنائي فيتحقق بمجرد اتجاه إرادة الجاني إلى فعل جريمة الرشوة عالماً بأنها مقابل استغلال وظيفته العامة، ويكفي لتحقق جريمة الرشوة قبول الموظف الوعد بالعطية حتى وإن لم تتحقق النتيجة، وبالمقابل لم يكتفِ النظام بتجريم عرض الرشوة بل تعداه إلى تجريم الوعد بها وإن لم يقبلها الطرف الآخر كما جاء بنص المادة التاسعة (من عرض رشوة أو وعد بها ولم تقبل منه يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات وبغرامة لا تزيد على مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين). وحفاظاً على نزاهة الوظيفة العامة نص نظام مكافحة الرشوة في مادته الأولى على أن (كل موظف عام طلب لنفسه، أو لغيره، أو قبل، أو أخذ وعداً، أو عطية، لأداء عمل من أعمال وظيفته أو يزعم أنه من أعمال وظيفته، ولو كان هذا العمل مشروعاً، يعد مرتشياً، ويعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات، وبغرامة لا تزيد على مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، ولا يؤثر في قيام الجريمة اتجاه قصد الموظف إلى عدم القيام بالعمل الذي وعد به) ولم يكتفِ النظام بتجريم الطلب والقبول والأخذ، بل تعدى ذلك لتجريم الاستجابة لرجاء أو التوصية أو وساطة، حيث نص في مادته الرابعة على أن (كل موظف عام أخل بواجبات وظيفته، بأن قام بعمل أو امتنع عن عمل من أعمال تلك الوظيفة، نتيجة لرجاء، أو توصية، أو وساطة، يعد في حكم المرتشي ويعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد عن مئة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين). ولا شك أن تعديل نظام مكافحة الرشوة بالمرسوم الملكي رقم (م/4) بتاريخ 2/1/1440ه قد عالج الفراغات القانونية في النظام ليشمل موظفي القطاع الخاص بإضافة المادة التاسعة مكرر (1) والتى تنص على (كل شخص وعد أو عرض أو منح، عطية لأي شخص يعمل في الجمعيات الأهلية أو التعاونية أو المؤسسات الأهلية أو الشركات أو المؤسسات الخاصة أو الهيئات المهنية بأي صفة كانت، سواء لمصلحة الشخص نفسه أو لغيره، لأداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفته، مما يشكل إخلالاً بواجباته الوظيفية، يعد راشياً، ويعاقب بالسجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات، أو بغرامة لا تزيد على خمس مئة ألف ريال، أو بهما معاً)، والمادة التاسعة مكرر (2) والتي تنص على (كل شخص يعمل في الجمعيات الأهلية أو التعاونية أو المؤسسات الأهلية أو الشركات أو المؤسسات الخاصة أو الهيئات المهنية بأي صفة كانت، طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفته، مما يشكل إخلالاً بواجباته الوظيفية، يعد مرتشياً، ويعاقب بالسجن لمدة لا تزيد عن خمس سنوات أو بغرامة لاتزيد عن خمس مئة ألف ريال أو بهما معاً)، وكذلك أضاف فقرتين للمادة الثامنة من النظام ليشمل (6) (موظفو وأعضاء الجمعيات الأهلية ذات النفع العام ورؤساء وأعضاء مجالس إداراتها)، وكذلك (7) (موظفو المؤسسات والمنظمات الدولية فيما يتعلق بتصريف الأعمال التجارية الدولية). ونخلص إلى أن مكافحة جريمة الرشوة لا تتحقق بمجرد تجريم صورها وأشكالها دون علاج مسبباتها، ونعتقد أن العلاج يبدأ بزيادة الوعي الديني بخطورة هذه الجريمة لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لعن الله الراشي والمرتشي)، وكذلك دعم وتكثيف جهود أجهزة الرقابة والمتابعة والتحقيق، وتفعيل الغرامات لتوفير عنصر الردع والحد من استشراء هذه الجريمة التي يتخذها الموظف المرتشي وسيلة للإثراء، وتحسين أوضاع صغار الموظفين المادية، وبالجملة إيجاد مرونة في الأنظمة والإجراءات التي تمس احتياجات المواطن حتى لا يضطر لإنهاء مصالحه بطريقة غير مشروعة.