أكد خبراء في مجال الهندسة الكهربائية على أن الطاقة الشمسية تعد من أبرز أنواع الطاقة المتجددة، وسيتزامن هذا التحول الإستراتيجي إلى ظهور فرص كبيرة للتوطين في سلسلة الإنتاج لهذه الصناعة بما في ذلك تصميم وتصنيع ينتج عنه فرص استثمارية واعدة للشركات الناشئة وللشركات الكبرى العاملة في هذا المجال، وأن اتجاه المملكة إلى بناء إستراتيجيات وخطط لإحلال الطاقة النظيفة المتجددة محل الطاقة التقليدية وتقليل الاعتماد على البترول والغاز، سيتم من خلاله المحافظة على احتياطي النفط والغاز واستثمارها بالتصدير للأسواق العالمية وفي الصناعات الهيدروكربونية وفي التشغيل لبعض المرافق التي تحتاج إلى طاقة عالية بدمجها مع أجهزة توليد الطاقة المتجددة. وقود أحفوري وقال البروفيسور أحمد صالح العبدالوهاب أستاذ دكتور بقسم الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات بجامعة الملك عبدالعزيز خبير الطاقة وعضو لجنة منازعات صناعة الكهرباء بالمملكة: إن المملكة تعتمد في الوقت الراهن في توليد الطاقة الكهربائية على الوقود الأحفوري وتسعى المملكة من خلال الرؤية الطموحة 2030 للوصول إلى إنتاج (9.5) جيجاوات من الطاقة المتجددة إلى الإنتاج المحلّي بحلول العام 2023م كمرحلة أولى وبطبيعة الحال فإن الطاقة الشمسية تعد من أبرز أنواع الطاقة المتجددة، وسيتزامن هذا التحول الإستراتيجي إلى ظهور فرص كبيرة للتوطين في سلسلة الإنتاج لهذه الصناعة بما في ذلك تصميم وتصنيع أنظمة الطاقة الشمسية وتشغيل وصيانة هذه الأنظمة، إضافة لذلك فإن هذا التوجه سينتج عنه فرص استثمارية واعدة للشركات الناشئة وللشركات الكبرى العاملة في هذا المجال، كما أنه سيشجع الشركات العالمية للاستثمار في هذه الصناعة نظراً لحجم السوق المتوقع، وسيمكن المملكة من تصدير الطاقة للدول المجاورة من خلال شبكات الربط الخليجي والدول الأخرى مستقبلاً. فرصة استثمارية وأوضح العبدالوهاب أنه سيساهم هذا التوسع في توليد الطاقة الشمسية من زيادة موثوقية الشبكات الكهربائية في المملكة نظراً لزيادة الطاقة الكهربائية وتنوع مصادرها، بطبيعة الحال فإن هذا التغير يتطلب التجاوب السريع فيما يخص التشريعات المنظمة لدخول الطاقة البديلة لأنظمة الطاقة من الجهات التشريعية لهذه الصناعة بما فيها هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج ومدينة الملك عبدالله للطاقة النووية والمتجددة ووزارة الطاقة، حيث إن ذلك سيسرع من دخول المستثمرين المحليين والدوليين للسوق وسيساهم في فتح مجالات استثمارية جديدة كبيع وشراء الطاقة الكهربائية للوسطاء وإدارة وبيع البيانات وغيرها من المجالات الواعدة التي ستساهم في توسع الشركات الناشئة في هذه المجالات. تنمية مستدامة وشرح الدكتور عبدالله بن محمد دباعي الأستاذ بقسم الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات بكلية الهندسة بجامعة الملك عبدالعزيز الطاقة المتجددة أنها الطاقة المتولدة من المصادر الطبيعية النظيفة والتي يمكن تعويضها، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية وطاقة الأمواج والتيارات المائية والطاقة المتولدة عن حرق النفايات، وأن الطاقة المتجددة ركيزة من أهم ركائز التنمية المستدامة، ويقاس اليوم تقدم الدول بنسبة ما تنتجه من طاقة نظيفة، لذلك فإن إنشاء مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة وبرنامج "أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية الصغيرة" في الشركة السعودية للكهرباء واعتماد برامج أخرى في شركات أرامكو وسابك واهتمام مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ببرامج بحوث الطاقة المتجددة وكذلك اهتمام الجامعات بإنشاء مراكز بحثية وكراسي بحثية تطبيقية مثل كرسي الملك سلمان بن عبدالعزيز لأبحاث الطاقة بجامعة الملك عبدالعزيز، لتوافق رؤية 2030 بتنمية مستدامة للمملكة. بناء الإستراتيجيات وذكر د.دباعي أنه نظراً للنمو المتسارع للمملكة العربية السعودية في عدد السكان والمنشآت السكنية والتجارية والصناعية فقد ازداد الطلب على الطاقة الكهربائية والمياه، وحيث إن المصدر الوحيد خلال الفترات الماضية لتوليد الطاقة الكهربائية هو الوقود الأحفوري وخصوصاً الزيت، ونظرًا للاستهلاك العالي للمصادر غير المتجددة مثل البترول والتلوث الذي يسببه عند حرقه لتوليد الطاقة، فقد اتجهت المملكة إلى بناء إستراتيجيات وخطط لإحلال الطاقة النظيفة المتجددة محل الطاقة التقليدية وتقليل الاعتماد على البترول والغاز، وبالتالي ستتم المحافظة على احتياطي النفط والغاز واستثمارها بالتصدير للأسواق العالمية وفي الصناعات الهيدروكربونية وفي التشغيل لبعض المرافق التي تحتاج إلى طاقة عالية بدمجها مع أجهزة توليد الطاقة المتجددة، وبذلك يمكن التقليل من التلوث بشكل ملحوظ، ولفت إلى أنه يوجد العديد من الاستخدامات للطاقة المتجددة في القطاع الصناعي، مثل الإضاءة وتشغيل بعض الآلات الخفيفة وأجهزة التحكم، ومن أهم الاستخدامات تحلية المياه المالحة، عن طريق الطاقة الشمسية المركزة أو ما يسمى بالطاقة الحرارية الشمسية. شمس ساطعة وأشار د.دباعي أنه بإمكان المملكة العربية السعودية خاصة أن لديها مساحات شاسعة وشمس ساطعة أن تصدر الفائض من الطاقة للدول المجاورة، خاصة أن مشروعات ربط الشبكة بدول الجوار قد تم الانتهاء منه، ومن المتوقع أن تنتقل المملكة من مجال الإنتاج إلى مجال التصنيع وتكوين الخبرات القائمة على البحث العلمي والتطوير، وبالتالي فإنه يمكن الاستثمار في نقل المعرفة وتصدير الأجهزة الخاصة بتوليد وتخزين الطاقة الكهربائية المتجددة، وكذلك في مجال تحلية المياه المالحة وهو ما يميز المملكة عن غيرها بخبرتها في هذا المجال الأمر الذي سيسهم في توفير آلاف الفرص الوظيفية في العديد من المجالات للشباب السعودي المؤهل، وحسب ما ذكرته مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة أن لديها خططاً لتكوين شراكات واسعة مع شركاء محليين ودوليين في تطوير قطاع الطاقة المتجددة بحيث توطن (60 %) من إنتاجية الطاقة النووية و(80 %) من الطاقة الشمسية من موارد محلية. الأثر المجتمعي وأوضح د.دباعي أنه ستقوم الشركة السعودية للكهرباء بعد اعتماد هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج ل"تنظيمات أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية الصغيرة" للأغراض السكنية والتجارية والصناعية بالإعلان عن خطتها لتحقيق أهداف رؤية 2030، خصوصاً فيما يتعلق بالطاقة المتجددة والصديقة للبيئة، ودعم الاقتصاد الوطني بتقليل الاعتماد على النفط، وتوفير موارد الطاقة ومنها تدشين خدمات أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية، ومن المتوقع أن ينعكس استخدام الطاقة المتجددة على سلوك المجتمع، من حيث وعيه بأهمية توفير الطاقة واعتماده على إحلال جزء منها من مصادر متجددة، خاصةً بعد أن يلمس كمية الوفر في استهلاك الطاقة وإمكانية أن يصدر الفائض منها إلى الشبكة الكهربائية وبيعها من شركة الكهرباء أو خصمها من قيمة استهلاكه الإجمالي، والاتجاه الآن المرادف لإنتاج الطاقة المتجددة هو إعادة تصميم الكثير من الأجهزة بحيث تكون أكثر كفاءة وأقل استهلاك للطاقة وستتغير كثير من الأجهزة التقليدية وتتحول إلى أجهزة ذكية تتم برمجتها، بحيث تستطيع أن تتعرف على مصادر الطاقة والتكيف معها وتفادي أوقات الذروة التي يكون خلالها الطلب على الطاقة أقصى ما يمكن والأوقات التي ينخفض فيها أو ينعدم إنتاج الطاقة المتجددة. مشروعات تطويرية وأكدت الدكتورة ملاك النوري عضو هيئة تدريس بكلية الهندسة بجامعة عفت أنه مما لاشك فيه أن المملكة العربية السعودية تقع ضمن نطاق جغرافي يسمى بالحزام الشمسي مما يجعل منها أغنى دول العالم من حيث الطاقة الشمسية، ويقدر متوسط الطاقة التي تحصل عليها المملكة من أشعة الشمس ب(2200) كيلوواط حراري لكل متر مربع، ومنذ أواخر السبعينات في القرن الماضي والمملكة بدأت مساعي جادة لتطوير مشروعات لإنتاج الطاقة الشمسية، من أوائل تلك المشروعات مشروع القرية الشمسية والذي يقع في ضواحي مدينة الرياض العاصمة والذي يوفر ما يقارب (1.5) ميغاوات من الطاقة الكهربائية يومياً لثلاث قرى محيطة، هذا إلى جانب عدد من المشروعات التي تمت إقامتها على مدى العقدين السابقين من قبل أرامكو ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، كما تم إنشاء مركز الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة لغرض دراسة الفرص المختلفة في مجالات الطاقة الذرية والمتجددة، لكن أهم المشروعات هو المشروع الذي تم موخراً ترسيته على شركة أكواباور يبلغ (300) ميجاوات بتكلفة (8.87) هللة للكيلو وات أي ما يقارب (2.34) سنت أميركي للكيلو وات الواحد وسيقام في سكاكا لتمتع المنطقة بالمقومات المناسبة. خلق وظائف وفي تقرير حديث للمكتب الدولي للطاقة بلغ مجمل الإنتاج العالمي من الطاقة الشمسية حوالي (403) جيجاوات، حيث بلغ أكبر إنتاج من الصين بنسبة (32 %) وأميركا واليابان وألمانيا بحصص متساوية تقريباً، أما الهند فبلغت نسبة إنتاج الطاقة الشمسية لديها (5 %) وهي نسبة مرتفعة نظراً لحداثة مشروعاتها، المشروعات الحديثة ستضع المملكة على الخارطة ضمن هذه الدول المنتجة للطاقة الشمسية حيث إن خطط المملكة تتضمن إنتاج 200 جيجاوات بمعنى نصف الإنتاج العالمي الحالي، هذا يعني أن المملكة تخطط لإنشاء قطاع متكامل لدراسة وإنشاء وتشغيل وصيانة مثل هذه المشروعات، وهذا سيتطلب أعداداً كبيراً من المهندسين والباحثين والمشغلين المتخصصين في الطاقة الشمسية، على سبيل المثال في مشروعات ومحطات إنتاج الطاقة بأنواعها سنحتاج مهندسين مختصين في بي في فوتوفولتايك وسي أسي بي، في مصانع ومعامل الألواح الضوئية والخلايا الضويئة في مجالات البحث العلمي والتطوير للتقنيات، في مجالات تعليم والتدريب من خلال الجامعات والمعاهد المتخصصة، مختصين في مجالات تخزين وإدارة الطاقة، ومختصين في مجال إدارة وسياسات الطاقة، وذلك سيساهم في خلق وظائف واستكشاف المزيد من الفرص مستقبلاً تماشياً مع خطط التحول وتنوع مصادر الطاقة في المملكة. خلايا شمسية في شقراء تجهيز حقول شمسية