أعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الاثنين سلسلة اجراءات تهدف الى تعزيز القدرة الشرائية في محاولة لامتصاص الازمة التي نتجت من احتجاجات "السترات الصفراء"، مع اقراره بانه اساء فهم الازمة للوهلة الاولى. وفي خطاب مرتقب استمر 15 دقيقة، وعد ماكرون بسلسلة اجراءات تصب في خانة تعزيز القدرة الشرائية وتقضي برفع الحد الادنى للاجور مئة يورو اعتبارا من 2019 من دون ان تتحمل الشركات اي كلفة اضافية، والغاء الضرائب على ساعات العمل الاضافية من 2018 والغاء زيادة الضرائب على بدلات التقاعد لمن يتقاضون اقل من الفي يورو شهريا. ودعا ايضا من يستطيعون من اصحاب العمل الى "رصد مكافأة لنهاية العام" ستعفى من الضرائب. واذ اكد تفهمه "الغضب" و"المحنة"، اقر ماكرون بالمسؤولية بعد مطالبات عدة باستقالته في صفوف "السترات الصفراء" خلال تظاهرات عدة شهدتها فرنسا منذ منتصف نوفمبر واتخذت احيانا منحى عنيفا وتسببت بشلل البلاد وسلطت الضوء على انقسام اجتماعي عميق بين الفئات الشعبية والحكومة. * تحمل المسؤولية - وقال "اتحمل حصتي من المسؤولية"، مع اقراره بانه "حاول ان يعطي انطباعا" ان غضب المتظاهرين هو "آخر همومه". واذ اعلن "حال الطوارىء الاقتصادية والاجتماعية" اكد انه ترشح للانتخابات الرئاسية في 2017 انطلاقا من "تحسسه بهذه الازمة". واضاف "لم انس هذا الالتزام" مشددا على انه يريد بلادا "يمكن ان نعيش فيها من عملنا بكرامة". واعلن ايضا انه سيجري العديد من الاجتماعات والمشاورات ملمحا الى امكان اجراء اصلاح في التمثيل السياسي. واورد ماكرون الذي تراجعت شعبيته الى حد بعيد "لن نستانف فعلا المجرى الطبيعي لحياتنا وكأن شيئا لم يتغير"، معتبرا "اننا في مرحلة تاريخية بالنسبة الى بلادنا". في المقابل، رفض اي "تساهل" مع مثيري الشغب ومرتكبي اعمال العنف، مكررا ان "اي غضب لا يبرر مهاجمة شرطي او دركي (...) حين يفلت العنف من عقاله لا مكان للحرية". كذلك، استبعد العودة عن قرار الغاء الضريبة على الاكثر ثراء والذي اتخذه في مستهل عهده وشكل ظلما كبيرا في راي "السترات الصفراء". وهذه الازمة هي الاخطر التي يواجهها ماكرون منذ انتخابه في 2017. وكان لزم الصمت منذ اندلاع التظاهرات العنيفة في الاول من كانون الاول/ديسمبر وما تخللها من مشاهد عنف في قلب باريس. وكان ماكرون تراجع الاسبوع الفائت عبر القبول بالغاء ضريبة على الوقود كان ندد بها المحتجون. وشكل ذلك اول تراجع له منذ تسلمه الحكم. فطوال عام ونصف عام، لم يرضح الرئيس الذي اعلن انه يريد احداث تحول في فرنسا رغم تظاهرات المعارضة رفضا لمشروعه الاصلاحي. لكن هذه الخطوة الاولى لم تكن كافية لتهدئة غضب "السترات الصفراء" الذي يجتاح فرنسا منذ اكثر من ثلاثة اسابيع. يبقى السؤال ما اذا كانت هذه الاجراءات كافية لاحتواء الغضب على وقع انقسام اجتماعي عميق بين فريقين: فرنسيون يشعرون بانهم ينزلقون اكثر فاكثر نحو الفقر من دون الاستماع اليهم، وحكومة ايمانويل ماكرون الذي اتهم دائما بانه "رئيس الاغنياء".