لا نريد استباق الأحداث، لكنّ مفاوضات الفرقاء اليمنيين في السويد لن تأتي بنتيجة، حتى لو اتفق الطرفان ظاهرياً على بعض النقاط الخلافية المتعلقة بالجانب الإنساني، الذي يسعى المبعوث الدولي مارتن غريفيث أن يجعل من أي حديث عنه نصراً في مهمته المحكومة بالفشل. لدى اليمنيين قبل غيرهم قناعة كاملة أنه لا يمكن تحقيق السلام من طرف واحد مهما بلغت تنازلات هذا الطرف وتضحياته في سبيل تجنيب المدنيين المآسي الناجمة عن استمرار الحرب التي جعل منها الحوثيون مصدر إثراء عمدوا من خلاله إلى استغلال هذه الظروف الصعبة لاحتكار الغذاء والوقود بما في ذلك المساعدات الإنسانية السخية التي وفرتها دول التحالف وعلى رأسها السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. كم مستودع أغذية تمت مصادرته من قبل ميليشيات الحوثي وحرمان اليمنين منه؟ وكم سفينة وقود ظلت حبيسة عناصرهم على أبواب ميناء الحديدة دون أن يصل إلى منازل المواطنين منه إلا ما تبيعه تلك الميليشيات في السوق السوداء التي احتكروها لزيادة أرصدتهم الشخصية بعد أن حولوا ما تحت إيديهم من مدن ومحافظات إلى إقطاعيات يديرون خيراتها هم والموالون لهم. بعد هذا كله تجد من ينادي بالتوقف عن استكمال تحرير الحديدة بحجة الخوف من تدهور الوضع الإنساني وكأن من يعيش تحت سلطة الحوثي في نعيم! لولا انتصارات الجيش اليمني ودخوله إلى مدينة الحديدة لما شاهدنا وفد الحوثي في مفاوضات السويد، ولولا أوهام السلام التي يروج لها المبعوث الأممي لما استطاع الحوثيون التقاط أنفاسهم والزج بالمزيد من المغرر بهم إلى جبهات الحرب التي هم وقودها والضحية الأولى فيها، فيما تبقى الزعامات الحوثية متحصنة في الكهوف أو بين النساء والأطفال. كيف تريد من ميليشيا لم تعرف سوى الحرب أن تكون شريكاً في السلام؟ وأن تتخلى عن هذه المعادلة التي مكنتها من الجلوس على عرش الحكم المغتصب في صنعاء على رفات آلاف اليمنيين الأبرياء مع استعدادها لحصد المزيد من الأرواح في سبيل الحفاظ على هذه السلطة. إن الضغوط التي تتعرض لها الحكومة اليمنية والتحالف الذي يدعمها في سبيل وقف العمليات العسكرية ما هي إلا محاولات مشبوهة لإطالة أمد الحرب وزيادة معاناة الأشقاء في اليمن، وأي انسياق وراء مباحثات سلام لا تضمن منع الحوثيين من التمرد على الدولة المدنية كما فعلوا في الحروب الست الماضية -وهذه السابعة - ستجعل من اليمن دولة مهددة بالمزيد من الانقلابات والحروب وستقودها حتماً إلى المجهول الذي ستصبح معه غير قابلة للحياة من جديد. أتمنى أن أكون مخطئاً فيما ذهبت إليه من تحليل، ولكن الحرب في اليمن لا تنتهي بالتمنيات مهما كانت مخلصة.. بل بالحزم الذي بدأت به .. وحينها يمكن الحديث عن الأمل.