اكتسبت الاحتجاجات في باريس الاثنين زخماً أكبر بانضمام قطاعات جديدة إلى المحتجين مثل المسعفين الفرنسيين وشرائح جديدة من الطلبة، بينما التقى رئيس الوزراء بمجموعة من الخصوم السياسيين في محاولة لتهدئة الغضب عقب أعمال الشغب التي هزت باريس. واقتحم ماكرون شوارع باريس محاطاً بالشرطة حيث قام بزيارة قوس النصر ليتجه الى قصر الرئاسة في الأليزيه لعقد اجتماع ضم قادة الجيش والأجهزة الأمنية والمخابرات، وأبلغهم عن عزمه إعلان حالة الطوارئ. وأثارت الاحتجاجات العنيفة وسط العاصمة الفرنسية باريس، قلقا كبيرا لدى الباحثين والمراقبين الغربيين لما يمكن أن يترتب على موجة العنف هذه في عاصمة حيوية ومؤثرة كباريس من تبعات خطيرة على حكومة ماكرون وأمن واستقرار فرنسا وأوروبا. واندلعت أعمال الشغب والاحتجاجات بسبب ارتفاع أسعار الوقود، ليصل العنف إلى ذروته يوم السبت حيث ضرب الآلاف من المتظاهرين شوارع باريس، ليقوم البعض منهم بحرق سيارات وتكسير واجهات بعض المخازن والمحلات مما أدى إلى اشتباكات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين. وتتركز الاحتجاجات في الأساس على زيادة الضرائب الأخيرة على الوقود -البنزين وخاصة الديزل- كجزء من ضريبة الكربون التي اقترحتها الحكومة والمصممة لتحسين أوراق اعتمادها البيئية. وبحسب وزارة الاقتصاد الفرنسية، بلغت الخسائر في إيرادات المراكز التجارية بسبب احتجاجات حركة "السترات الصفراء" وأعمال العنف والتخريب المرافقة لها في 17 و24 نوفمبر على التوالي نسبتي 35 و 18 %. ووصف المتظاهرون الذين أطلقوا على أنفسهم تسمية حراك "السترات الصفر" بأنهم من طبقة العمال ومن المتضررين بشكل مباشر من رفع أسعار الوقود. وتحولت الاحتجاجات مع الأيام إلى استياء أوسع من ارتفاع تكاليف المعيشة في فرنسا وعدم الرضا عن سياسات ماكرون التي تستمر شعبيته في الانخفاض، حيث أظهرت استطلاعات رأي مؤسسة كانترار أواخر شهر أكتوبر أن 71 % من ألف مشارك في الاستطلاع غير راضين عن سياسات ماكرون. وبعد عدة أسابيع من الاحتجاجات المتفرقة، تصاعد التوتر السبت الماضي مع خروج أكثر من 36 ألف محتج، واندلاع أعمال شغب واسعة النطاق في باريس بمشاهد وصفت بأنها "حرب مدنية" و "أسوأ أعمال شغب منذ وقت طويل"، الأمر الذي واجهته قوات الشرطة باستهداف المتظاهرين بالغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه حيث أُصيب 133 شخصاً بجروح من بينهم ضباط شرطة، كما تم إلقاء القبض على 412 شخصاً. ومع مرور الأيام بدأ مسار الاحتجاجات الغاضبة يتحول من أسعار الوقود العالية الى شعارات تستهدف ماكرون حيث غطى قوس النصر، أشهر معالم باريس، عبارات مناهضة لماكرون وأسلوب قيادته للبلاد. وينظر الى وضع ماكرون على أنه حرج جداً لأن المتظاهرين الغاضبين في الشوارع هم من اليسار الذي يعتبر ماكرون أقرب له إلا أن القاعدة الشعبية باتت تسمي ماكرون "قائد الاغنياء" و تتهمه بالانتماء الى طبقة النخبة التي لا تعرف شيئا عن معاناة الفقراء، كما بات ينظر إليه من المحتجين على أنه منعزل عنهم، حيث تزداد التساؤلات عن طريقته في القيادة، في حين يستمر التجمع الوطني اليميني المتطرف بكونه تهديداً انتخابياً في مواجهة حزب ماكرون. وتعتبر مشكلة البطالة التي تجاوز 10 % من المشكلات الأساسية التي من شأن التحرك لحلها إخراج ماكرون من التحديات التي تواجهه بالإضافة إلى خفض الضرائب البلدية على السكن.