بدأت النزعة التفاؤلية تسود أجواء أسوق النفط في الصين، بعد الاتفاق المبرم بين شركة "أرامكو السعودية" وعدد من مصافي التكرير الصينية الحكومية والمستقلة الخاصة بشأن رفع صادرات النفط الخام السعودي للصين إلى 1.67 مليون برميل يوميا في 2019، مقارنة مع شحنات سبتمبر البالغة 1.1 مليون برميل يوميا، في وقت تعكف "أرامكو" كذلك على التوسع في مشروعاتها المشتركة الرئيسة للتكرير والتسويق والبتروكيميائيات في الصين والتي تتطلب ملايين البراميل من النفط السعودي وفق اتفاقيات التحالف التي تلتزم بها "أرامكو" مع شركائها الصينيين. وتلقى الصينيون هذا الاتفاق الذي يشمل خمس صفقات بنوع من الارتياح على أمل استعادة الصين حصصها المرتفعة السابقة من النفط السعودي حينما كانت الصين أكبر مستورد للخام السعودي، إلا أن المملكة لم تعد كذلك بعد أن احتلت روسيا مكانها قبل عامين، ومع ذلك تظل الصين الوجهة الرئيسة للنفط السعودي كثاني أكبر مستورد في الوقت الذي تؤمل فيه "أرامكو" أن تعيد الشحنات الجديدة المتفق عليها مكانتها كأكبر مورد لبكين. وتأتي هذه الزيادة من إمدادات النفط السعودي حتمية للصين في أعقاب مقاطعة العالم للنفط الإيراني وفقدان الصين حصصا تقارب 800 ألف برميل يومياً، إضافة إلى شراكة "أرامكو" في ملكية عدة مصافٍ صينية ضخمة قائمة تخوض توسعات ومشروعات أخرى تم الاتفاق لتنفيذها، وبالتالي فإن العقود الخمسة المبرمة تمثل مرتكزاً للإيفاء بحاجة الطلب القوي المتنامي في الصين والمتسق مع توجه "أرامكو" للتركيز على تنويع جغرافية عملائها وعلاقاتها الاستراتيجية ومقابلة ضغوط الطلب الإقليمي والذي لم توفره "أرامكو" مسبقاً، في حين ترى الشركة بضرورة توسعة قاعدة عملائها بالاستحواذ على أكبر الحصص من الطلب الصيني المتزايد على النفط في المستقبل والذي سيأتي مدفوعاً بشكل متنامٍ من مصافي التكرير الخاصة. وتعتبر الصين هذه الاتفاقية غير مسبوقة حيث من النادر في تاريخ "أرامكو" أن تشتري دولة بمفردها كميات ضخمة من نفطها، في حين أن عقود التوريد الجديدة تجعل من المحتمل جداً أن تصبح "أرامكو" أكبر موردة للصين في العام المقبل 2019 مثلما كانت كذلك خلال الفترة 2006 - 2016. وقامت "أرامكو" في وقت سابق من هذا العام بوقف صادراتها إلى آسيا من أجل تثبيت الأسعار، بيد أن الشركة أعطت الأولوية لبناء حصتها السوقية المهيمنة لنفطها الخام في قمة السوق. وفي سبتمبر الماضي بلغت واردات الصين العالمية من النفط الخام أعلى مستوياتها التاريخية قبل سريان المقاطعة أوائل نوفمبر مسجلة 9.61 ملايين برميل يوميا متزامنة مع خروج عدة مصافي من موسم الصيانة، ليستمر الطلب القوي على الوقود مما ساهم في تعزيز هوامش أرباحها وتحفيز الطلب الأكبر على النفط المستورد، وخلال العشرة أشهر الأولى من العام، ارتفعت واردات الصين من النفط بنسبة 8.1 % على أساس سنوي، في حين ارتفعت شحنات أكتوبر وحدها بنسبة 32 %. وبلغت قيمة واردات الصين من النفط السعودي 23.7 مليار دولار في 2017، منخفضة بنسبة كبيرة بلغت -51.6 % عن 2013، في حين بلغ إجمالي قيمة واردات الصين العالمية 873.4 مليار دولار منخفضة بمعدل -47.1 % لنفس الفترة، فيما بلغ حجم الشحنات إلى البلاد في الشهر الماضي 37.12 مليون طن، أو 9.05 ملايين برميل في اليوم، ارتفاعًا من 9.04 ملايين برميل في اليوم في شهر أغسطس، مسجلة بذلك ارتفاعها الشهري الثالث على التوالي، وفقًا لأرقام الإدارة العامة للجمارك الصينية. وارتفع إجمالي واردات النفط الخام للصين خلال الأشهر التسعة الأولى من العام بنسبة 6 % مقارنة مع نفس الفترة من العام 2017 لتصل إلى 336 مليون طن، أو 8.98 ملايين برميل في اليوم، حسبما أظهرت بيانات الجمارك. وفي أكتوبر ارتفعت صادرات الولاياتالمتحدة من النفط 7.6 ملايين برميل في اليوم للشهر الثاني على التوالي منذ تراجعها في أغسطس عندما توقفت الصين عن شراء النفط الخام الأميركي. وأظهرت بيانات صينية رسمية أن واردات الصين من النفط من إيران زادت بنسبة 4.1 % سنوياً إلى متوسط 631.556 برميل في اليوم بين يناير وسبتمبر، وكانت طهران خامس أكبر مورد للنفط إلى أكبر مستورد للنفط في العالم، في حين شهد استهلاك الصين من النفط تراجعاً في شهري أكتوبر ونوفمبر وفقاً لبيانات التدفق التجاري، وأظهرت بيانات الإدارة العامة للجمارك الصينية أن واردات سبتمبر من النفط الإيراني بلغت 520.630 برميلا في اليوم أي حوالي 100 ألف برميل يومياً أقل من متوسط المتحصل خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر. ويظهر التتبع التجاري أن الواردات الصينية من إيران كانت 599 ألف برميل يومياً في أكتوبر، ويمكن أن تصل إلى 646.000 برميل في اليوم في نوفمبر الجاري. فيما اتجهت شحنات أكتوبر ونوفمبر إلى مقاطعة لياونينغ. ويتوقع أن تورد "أرامكو" 170 ألف برميل يوميا من النفط السعودي إلى مصفاة تشوشان حين تبدأ عملياتها، كما تشمل اتفاقيات توريد نفط "أرامكو" مع شركة النفط الوطنية الصينية للحصول على إمدادات إضافية اختيارية قدرها 100 ألف برميل يومياً، ومع شركة تشجيانغ للبترول لتوريد 116 مليون برميل يومياً ليصل إجمالي الكميات التي وقعت الشركة على توريدها للعملاء الصينيين إلى 723 ألف برميل يومياً.