أشبه ما يكون بالسجال كانت التداعيات المتواترة بتأثيراتها على أسواق النفط ومؤشرات الأسعار خلال الأيام القليلة الماضية، فمنذ 18 أكتوبر الماضي بدأت الأسواق النفطية في التخلّي عن مستويات الثمانين دولاراً، ليشهد بعدها شهر نوفمبر الجاري سلسلة طويلة من وتيرة التراجع في مؤشرات الأسعار، على الرغم من بدء سريان العقوبات المفروضة من قبل الولاياتالمتحدة الأميركية على طهران التي تخللتها إعفاءات لم ترقَ لأن تكون عامل ضغط على الأسعار وإنما ساهمت في بناء تلك الضغوط، بالإضافة إلى العوامل الأخرى التي توالت عقب وصول الأسواق النفطية إلى مستويات التوازن، لتبدأ حينها في مرحلة بناء المخزونات النفطية بالأسواق، كما تشهد أسعار النفط حالياً تماسكاً ملحوظاً تدعمه آمال قرار الخفض التي ربما يخرج بها اجتماع الأوبك في ديسمبر المقبل، الذي سيأخذ في الاعتبار مستجدات الربع الأول من العام القادم 2019م، لا سيمّا مع ازدياد مرحلة البناء في المخزونات النفطية بداخل الأسواق. وأسهمت معدلات الإنتاج العالية التي توجه إليها كبار المنتجين في إلقاء المزيد من الضغوط على مستويات الأسعار التي تراجعت كأطول سلسلة تراجع خلال الربع الأخير من العام الجاري، فالإنتاج الروسي وصل لأعلى مستوى له في 30 عاماً خلال أكتوبر الماضي، بالإضافة إلى المخاوف المتنامية من ضعف الطلب العالمي على النفط وزيادة الإمدادات النفطية بالأسواق، حيث بدأت الأسواق تفقد مستويات ال 70 دولاراً لنفط خام الإشارة برنت منذ الثامن من نوفمبر الجاري كإرهاصات تنبئ عن بدء فقدان الأسواق لنقطة التوازن وتنامي بناء المخزونات بالأسواق العالمية. ومنذ أبريل الماضي والأسعار النفطية تشهد تماسكاً جيداً مدعوماً بالالتزام باتفاق الخفض في الإنتاج النفطي بين الحلفاء المنتجين من داخل منظمة الأوبك ومن خارجها بقيادة المملكة العربية السعودية وروسيا، حيث تراجعت الفوائض النفطية بالأسواق العالمية ل 50 مليون برميل، وذلك من مستويات ال 340 مليون برميل في شهر يناير 2017م، جنباً إلى جنب والجهود المبذولة من قبل المملكة العربية السعودية في الحفاظ على مستويات عالية في الانضباط من قبل المنتجين من داخل وخارج منظمة الأوبك، التي آتت أكلها نهاية أبريل الماضي عندما لامس نفط خام الإشارة برنت أعلى مستوياته منذ شهر ديسمبر 2014م مدعوماً بحالات من التعافي في أساسيات الأسواق النفطية، حيث تراجعت (أبريل الماضي) المخزونات الأميركية إلى أقل من متوسط الخمس سنوات للمرة الأولى منذ شهر مايو 2014م، ونمو الطلب على البنزين في أميركا ليصل أعلى مستوى له عند 9.9 ملايين برميل يومياً.