انطوت البارحة آخر صفحة من ايام العام الميلادي 2014 والذي شهد تهاوي حاد في أسعار النفط بلغت أكثر من 50% وتقلبات في أسواق الطاقة العالمية، افضت الى تذبذب قوي في أسعار الاسهم في معظم الاسواق الدولية، كبدت المضاربين خسائر طائلة وأثرت على حركة التجارة ومعدلات الاداء الاقتصادي العالمي. ومع أن التفاؤل لا يزال يساور المنتجين بأن تصعد أسعار النفط خلال العام الميلادي الجديد الى مستويات قد تتخطى 90 دولاراً للبرميل لخام برنت القياسي الا أن الاسعار قد تتعرض الى تذبذب أكثر حدة خلال النصف الاول من العام الحالي 2015م ، ربما تدفعها الى تسجيل مزيد من الهبوط إذا ما انتعش الطلب وساهم في تغيير مسار الاسعار الى الوضع المرتفع. وأنحت عدد من التحليلات النفطية باللائمة في انهيار أسعار النفط خلال الربع الاخير من عام 2014م الى ارتفاع العرض نتيجة الى الانتاج المفرط من الدول المنتجة من خارج أوبك والذي تعدى 54 مليون برميل يوميا، بالإضافة الى تنامي السوق السوداء التي تعتمد على النفط غير القانوني المهرب من مناطق النزاع في العراق وسوريا وليبيا والذي يباع بأسعار منخفضة تصل الى حوالي 20 دولاراً للبرميل. وفي رصد ل "الرياض" لمسار أسعار النفط خلال العام الماضي 2014م يتبين أن الاسعار بدأت بمستويات جيدة فوق 110 دولارات للبرميل لخام برنت يغذيها عدد من الاحداث العالمية التي ساهمت في تماسك الاسعار فوق هذه المعدلات، حيث راوحت اسعار برنت بحدود 111 دولارا خلال شهر يناير بفعل انخفاض المخزونات الأميركية وتراجع الإنتاج في ليبيا وجنوب السودان، بيد أن تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين حال دون مزيد من المكاسب. وفي شهر فبراير هبطت اسعار برنت الى 109 رغم ضعف الدولار وتعطل إمدادات النفط والطقس البارد في أميركا الشمالية التي أدت إلى زيادة الطلب على وقود التدفئة، إلا أن الاسعار تأثرت بضغط من السوق السوداء والتي استقبلت كميات كبيرة من النفوط غير القانونية. ونتيجة الى تراجع الطلب بصورة حادة من الدول الآسيوية بسبب تقهقر نمو أدائها الصناعي هبطت الاسعار خلال شهر مارس وراوحت قرب 108 دولارات للبرميل، ومع تزايد التوترات في اوكرانيا والازمة التي نشأت على ضوء ذلك، صعدت أسعار النفط في شهر أبريل الى 110 دولارات مدعومة بقيام مضاربون وصناديق تحوط بصفقات متكئين على صعود أسعار النفط لقرب أعلى مستوياتها التي اظهرتها بيانات السوق الأميركية مع ارتفاع الأسعار بفضل نمو كبير للطلب في ظل زيادة طلبات الشتاء. ومع تجدد المخاوف بشأن تعطل الامدادات من منطقة الشرق الاوسط بعد الاضطرابات الامنية التي احدثتها الجماعات الارهابية في العراق وسوريا، صعدت الاسعار في شهر يونيو الى 114 دولارا للبرميل، غير أن تدخل القوى العالمية في محاربة الارهاب وعزمها على القضاء على هذه الجماعات الارهابية ومنها تنظيم (داعش) قلل من وجل المستهلكين حيث هبط النفط في شهر يوليو الى 107 دولارات للبرميل. الا أن اسعار النفط بدأت منذ شهر أغسطس في الانحدار الى مستويات مقلقة للمنتجين وبلغت 102 دولار للبرميل لخام برنت نتيجة الى الضغوط الكبيرة التي واجهتها اسواق الطاقة جراء الكميات من الخام التي دلفت الى الاسواق وسط تراجع في الاداء الاقتصادي لعدد من الدول الصناعية الكبرى. وفي شهر سبتمبر بدأت علامات الانهيار الملموس تجتاح السوق النفطية حيث هوت الاسعار الى 98 دولارا للبرميل بسبب التخمة التي عانت منها الاسواق وارتفاع الدولار الامريكي، ومع بدء المؤشرات الضعيفة لأداء الاقتصادات الاوروبية في شهر اكتوبر طفقت الاسعار تسجل مزيدا من الهبوط ووصلت الى 83 دولارا للبرميل وفي ظل إبقاء الاوبك انتاجها عند 30 مليون برميل يوميا للستة شهور المقبلة، تدحرجت الاسعار في شهر نوفمبر الى 77 دولارا للبرميل.