أكد خبراء أن أسعار النفط المستقبلية ستبقى في نطاق الارتفاع، نتيجة لاستمرار حالة القلق على الدول المستهلكة من نقص الإمدادات النفطية. وأوضح الخبراء أن هذا القلق يعتبر طبيعيا في ظل فرض العقوبات على النفط الإيراني وسعي الدول المستهلكة للنفط إلى تأمين مصالحها وإمداداتها النفطية. وبين الخبير في شؤون النفط والبيئة الدكتور محمد بن خليص الحربي ل»الجزيرة» أن تذبب الأسعار النفطية يعد أمرا طبيعيا في ظل تحكم العوامل الجيوسياسية فيها، حيث لا يمكن أن تخضع هذه الأسعار في الوقت الحالي إلى نظرية العرض والطلب أو إلى العوامل الطبيعية الأخرى كزيادة الطلب على الطاقة في فترة الشتاء. وتابع الدكتور الحربي الذي كان يشغل منصب المنسق الإقليمي للتلوث النفطي في الخليج العربي سابقا، أن مؤشرات ارتفاع الأسعار خلال الأسبوع الجاري قائمة، من خلال وجود المعطيات المحفزة لذلك، حيث ارتفعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت في نهاية الأسبوع، مدعومة بأنباء عن إيقاف أو تقليص بعض المشترين لوارداتهم من النفط الإيراني وعلى رأسهم الصين واليابان، مع تشديد العقوبات الغربية الرامية إلى كبح برنامج «طهران» النووي. من جهته قال المستشار والخبير الاقتصادي سعد آل حصوصة ل»الجزيرة» إن أسعار النفط لخام برنت ستبقى فيما بين 107 و 115 دولارا للبرميل، أما الخام الأمريكي فستكون بين 87 و93 دولار للبرميل، وستدور الأسعار خلال الفترة المقبلة في هذه الحلقة، ما لم تؤثر عليها عوامل جيوسياسية قوية تخرجها من هذا النطاق باتجاه الصعود، مؤكدا انه لا يمكن إخضاع أسعار النفط خلال الفترة الحالية لسياسات العرض والطلب لكونها تخضع للعوامل الجيوسياسية خاصة التي تدور منذ فترة حول الصراع الغربي – الإيراني، بالإضافة إلى التوتر الحالي في منطقة الشرق الأوسط، ما يزيد عادة مخاوف المستهلكين من نقص الإمدادات وبالتالي زيادة تحوطهم وارتفاع الطلب على النفط. وأضاف آل حصوصة «على سبيل المثال أسعار خام برنت ارتفعت أمس فوق مستوى 112 دولارات للبرميل، وهذا يعتبر طبيعيا، فأسعار النفط ما زالت مرتفعة إذا كانت في نطاق يتجاوز السعر العادل للنفط والتي يتمثل في نحو 100 دولار للبرميل، وهو ما تتطلع إليه منظمة أوبك كي يتناسب مع مصالح كل من المنتجين والمستهلكين، وإحداث توازن في السوق النفطية، حيث عملت المنظمة جاهدة على خفض السعر من نحو 128 دولار للبرميل في النصف الأول من العام الجاري إلى مستوياته الحالية التي تدور في نطاق مابين 108 دولارات إلى 115 دولارا للبرميل، وذلك من خلال زيادة أعضاء منظمة أوبك الإنتاج إلى نحو 32 مليون برميل يومياً من أجل تأمين كميات وافية من النفط، ما أدى إلى كبح جماح ارتفاع الأسعار» وكان خام برنت قد قلص أمس (الخميس) خسائر مبكرة ليظل فوق مستوى 112 دولارا للبرميل، حيث عززت بيانات إيجابية الأمل في حدوث انتعاش اقتصادي في الصين لكن الأسعار تعرضت لضغوط بسبب إمكانية نشوب مزيد من الخلافات بشأن الميزانية في الولاياتالمتحدة وزيادة المعروض النفطي، إذ يواجه الرئيس باراك أوباما والأعضاء الجمهوريون في الكونجرس في الشهرين المقبلين معارك أكبر مما خاضوه بعد أن توصلوا بصعوبة إلى اتفاق لتفادي حزمة من إجراءات التقشف التلقائية كان من شأنها دفع أكبر اقتصاد في العالم نحو الركود، حيث تراجع سعر خام برنت 29 سنتا إلى 112.18 دولار للبرميل أمس بعد أن زاد أكثر من واحد بالمئة يوم الأربعاء الماضي ليسجل أعلى تسوية له منذ أكتوبر تشرين الأول، كما انخفض الخام الأمريكي الخفيف 21 سنتا إلى 92.91 دولار للبرميل بعد أن أغلق يوم الأربعاء على أعلى مستوياته منذ سبتمبر أيلول، وقلص كلا العقدين خسائرهما السابقة التي تجاوزت 50 سنتا بعد أن أظهرت بيانات أن قطاع الخدمات في الصين سجل نموا في ديسمبر كانون الأول، مما أنعش الآمال في تعافي ثاني أكبر اقتصاد في العالم. يشار إلى أن تقرير معهد البترول الأمريكي أظهر الأسبوع الماضي أن مخزونات الولاياتالمتحدة من النفط الخام نقصت الأسبوع الماضي مع تراجع واردات الخام لكن مخزونات منتجات التكرير زادت. وقال التقرير إن مخزونات النفط الخام نقصت 1.2 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 21 من ديسمبر مقارنة بتوقعات لمحللين بهبوط أكبر قدره 1.9 مليون برميل، مشيرا إلى أن مخزونات الخام انخفضت الأسبوع الماضي مع تراجع الواردات بمقدار 263 ألف برميل يوميا إلى 8.27 مليون برميل يوميا. وأضاف التقرير أن مخزونات نواتج التقطير التي تشمل زيت التدفئة ووقود الديزل زادت بمقدار 2.9 مليون برميل خلال الأسبوع مخالفة تنبؤات المحللين بهبوط قدره 900 ألف برميل. وسجلت مخزونات البنزين الأمريكية زيادة قدرها 2.4 مليون برميل خلال الأسبوع مقارنة مع توقعات المحللين بزيادة قدرها 500 ألف برميل.