الأطفال ثروة كل أمة، وعماد مستقبلها، ومن أولى واجبات آبائهم أولاً، والمدارس والدوائر والجمعيات والمنظمات المحلية المعنية بتنشئتهم صحياً وثقافياً واجتماعياً وتربوياً ثانياً. وقد ينجح الطفل في التغلب على الصعوبات التي تواجهه ويكون نجاحه هذا عاملاً يزيد من قدرته في التغلب على المواقف الأكثر صعوبة في المستقبل.. إلا أن بعض هذه الصعوبات والمشكلات والأزمات التي تجابه الطفل تتخطى حدود الاستطاعة والقدرة العادية تهز شعوره وتهدد كيانه النفسي وتؤدي إلى تغير شامل في حياته وحياة أسرته ومجتمعه. ويظهر هذا التغيير واضحاً في سلوك مرفوض يتمثل في العنف والعدوانية. وتعد ظاهرة العدوان ظاهرة قديمة منذ الأزل حيث يمثل العدوان ظاهرة سلوكية مهمة في حياة الفرد، نلاحظه في سلوك الفرد السوي وغير السوي، ويعد العدوان مفهوماً غامضاً تتعدد معانيه، وتتنوع النظريات المفسرة لماهيته، ومن هنا اختلفت الرؤى والتفسيرات التي حاولت تحديد مصادره ونتائجه. ولكن العدوانية تعد ظاهرة عامة بين البشر يمارسها الإنسان بأساليب متعددة وتأخذ صوراً كثيرة مثل التنافس في العمل والمدرسة واللعب، ويكون العدوان عن طريق التعبير باللفظ أو العدوان البدني وأحياناً يكون فردياً مثل إيقاع شخص الأذى بشخص آخر أو مجموعة أشخاص وأحياناً يكون السلوك العدواني جماعياً مثل أن تقوم جماعة بإيقاع الأذى بفرد أو مجموعة أخرى. ويعد السلوك العدواني عند الأطفال خاصة مشكلة نفسية واجتماعية هامة، وقد يكون للإعلام دور كبير في مشكلة السلوك العدواني عند الأطفال فالإعلام المرئي الموجه بجميع وسائله من تلفزيون وسينما ومسرح يقلب الحقائق ويؤثّر في الناس سواء بالسلب أو الإيجاب وأكثر فئة من الممكن أن يكون لوسائل الإعلام عليها هم فئة الأطفال. ويعد الإعلام الحديث والذي أصبحت الحروب ومناطق الاضطرابات تشكل مادة ممتازة ومؤثّرة له من أهم العوامل التي تزيد من نسبة العنف لدى أطفالنا ولقد أظهرت دراسات عديدة زيادة نسبة العنف لدى الأطفال وخصوصاً بعد الانتفاضة الثانية ومشاهدة الأطفال لمشاهد مؤثرة من خلال التلفاز وعليه فلقد ارتأى الطالب أن يقوم بهذه الدراسة لعله في هذا الجهد المتواضع تكون هناك فائدة بسيطة لخدمة أطفالنا ومجتمعنا. فمن الممكن لوسائل الإعلام الحديث أن تقوم وبعد فترة طويلة من الزمن ومن التكرار على فكرة معينة أن تحول قيماً غير مرغوب بها إلى قيم اجتماعي مرغوبة وذلك مثل العنف والسلوك العدواني المهيأ من قبل وسائل الإعلام على أنه سلوك اجتماعي مرغوب ومظهر طبيعي. إن البحث عن أسباب مشكلة السلوك العدواني عند الأطفال مهمة جداً وخصوصاً تأثير وسائل الإعلام الحديث على زيادة هذا السلوك أو الحد منه، ولكن الأهم من ذلك هو محاولة علاج هذه المشكلة. إن أطفالنا هم أمانة في أعناقنا وعليه يجب أن نقوم بالتدقيق بكل ما يقومون بمشاهدته عبر وسائل الإعلام المرئية المختلفة والتي أصبحت بعيدة عن الرقابة وتقوم بعرض الكثير من مشاهد العنف والدمار، والتي قد تؤثّر سلباً على حياة أطفالنا في المستقبل.