الرئيس الأميركي يحمل على ظهره حملا ثقيلا تركه له أسلافه. وأنا أقصد الاقتصاد الأميركي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الآن. فهذا الاقتصاد نشأ في فترة الحرب الباردة عندما كانت الولاياتالمتحدة تصارع الاتحاد السوفيتي وتقود معسكرا مناهضا له. وهذا بالتأكيد له تكاليفه. ولكن هذه الفاتورة لا تقارن مع ما وقع على الولاياتالمتحدة عندما أصبحت زعيمة العالم بلا منافس بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. فالاقتصاد الأميركي الذي استلمه ترمب هو اقتصاد قد أثقلته نفقات الزعامة منذ العام 1945 وحتى الآن. فالديون التي على الولاياتالمتحدة وصلت إلى 21,7 ترليون دولار؛ وهو حجم الناتج المحلي الإجمالي الأميركي تقريبًا. ولذلك فليس مستغربًا أن يعلن الرئيس الأميركي صراحة أن الولاياتالمتحدة نهبت وأنه جرى واحد من أكبر عمليات نقل الثروة التي حدثت على الإطلاق. وعلى هذا الأساس فإن الرئيس الأميركي موطد العزم على استرجاع ما نهب والتخلص من الديون التي تثقل اقتصاد بلاده. ولذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه بنفسه هنا هو كيف ستمحو أميركا الديون التي عليها للعالم؟ أعتقد هناك عدة خيارات: فالولاياتالمتحدة قد اعتادت على العجز التقني عن سداد ديونها نهاية كل عام. ولذلك فإن هناك خطورة أن يتم الإعلان أن العجز هذه المرة ليس تقني وإنما فعلي -وأن الولاياتالمتحدة غير قادرة على سداد ديونها. ففي حال إشهار الإفلاس يمكن الولاياتالمتحدة أن تلغي ما عليها من ديون للغير. وبالطبع فإن أهمها الديون الضخمة التي للصين. ففي هذه الحالة سوف تخسر الصين كل ما لديها في سندات الخزينة الأميركية. ولكن هذا سوف يفقد الولاياتالمتحدة الثقة العالمية التي هي حجر أساس نظامها المالي- الاقتصادي. ولكن هناك أجراء آخر. فالولاياتالمتحدة منذ أزمة الرهن العقاري 2008، اعتادت على التسهيل الكمي من خلال طباعة مئات المليارات لتمويل متطلبات قطاع الأعمال. ولذلك فإنه يمكن التوسع في هذه العملية وطباعة ما يكفي من النقود لتسديد الولاياتالمتحدة لديونها لكل البلدان الدائنة لها. وهذا سوف يؤدي إلى ارتفاع التضخم بشكل كبير في جميع أنحاء العالم. لأن الدولارات في هذه الحالة غير مغطية ولا تعدو عن كونها أوراق لا قيمة لها. وهذا الإجراء سوف يعتبره العالم غش مالي -مثله مثل طباعة النقود المزيفة. وبالتالي سوف يفقد النظام المالي العالمي الحالي ما تبقى له من مصداقية. وهذا ليس كل شيء. فالولاياتالمتحدة يمكن أن تقدم على أمر آخر له تبعاته المختلفة؛ ولكني سوف أتركه للأسبوع القادم بعد عودتي من الصين.