في نهاية العام 2003م كان المشاهد العربي على موعد مع ثورة برامجية مختلفة بكل ما تعنيه الكلمة، ممثلة بانطلاقة برنامج ستار أكاديمي من خلال شاشة قناة LBC اللبنانية، برنامج الواقع لم يتعود عليه المشاهد العربي، كانت شعبيته كبيرة بالمملكة خصوصاً، حقق نسب مشاهدة قياسية، وحقق دخلاً من الإعلانات كبيراً، نهضت كثيراً بمجموعة شويري الإعلانية، والجديد الأهم الدخل القياسي من خلال استنزاف جيوب المشاهدين باستغلال أسلوب تسويقي جديد متمثل بالتصويت عن طريق رسائل الSMS، مما حدا - ورغم المكاسب الكبيرة وتحت ضغوط معروفة توجهات أصحابه - أن توقف إحدى شركات الاتصالات هذه الخاصية، وتخسر مئات الملايين لإرضاء من كان يرى فساد مثل هذا البرنامج خصوصاً.! واستمر البرنامج لمواسم محددة، حتى وصل لمرحلة الملل والتشبع من الجمهور، واقتناعهم بتفاهة أن يتسمرون أمام الشاشات لساعات معينة لمراقبة حوارات المشاركين بالبرنامج بصورة عفوية وعدم معرفتهم أو عدم محاولة معرفتهم أن حواراتهم وغرف نومهم وتفاصيل حياتهم منقولة بصورة مباشرة أمام الجمهور، ونجاح هذا البرنامج ولّد برامج مماثلة، والطريف أن بعضها كان حسب التقاليد الدينية ببعض القنوات التي استغلت فكر بعض المشاهدين، وأوهمتهم أن ما تقدمه من برامج للواقع «حلال» وحسب المواصفات المحافظة، وهنا ذكاء إعلامي واستغلال ذكي بكل ما تعنيه الكلمة. ما دعاني لاستذكار هذه المرحلة المهمة في نشوء برامج الواقع، متابعتي والكثيرين معي للأمر نفسه ولكن بصورة فردية، وأحياناً دون تدخل للرقيب ليحمي المشاهد، فما نشاهده من نجوم التواصل الاجتماعي وخصوصاً السناب شات، صورة طبق الأصل لمرحلة العام 2003م، فتستغرب أنك تشاهد شخصيات أصبحت لها نجومية كبيرة بهذه الوسائل رغم المحتوى الهابط الذي تقدمه، والطريف أنهم في يوم وليلة أصبحوا من أصحاب الثروات، وهذا أمر لا نحسدهم عليه، ونتمنى لهم الرزق الوافر، ولكن الأمر الخطير والأكثر حساسية، استعانة جهات مسؤولة لهؤلاء الأشخاص ودعوتهم وبمبالغ مالية كبيرة، لمناسبات رسمية ومهمة، ويقيسون نجاح مناسباتهم على مستوى مشاهدات سنابات أو تغريدات نجوم الغفلة، فيصبح الدور الإعلامي الملتزم والصادق بعيداً كل البعد، وتكون الفرصة لتغطيات تافهة، وتزداد مرارة عندما تنتهي المناسبة، وينفرد هؤلاء الأشخاص بمن يتابعونهم ويتحدثون معهم بحرية تتجاوز أحياناً الآداب والذوق.! ومع إيماننا بأن هذه الظاهرة ستنتهي وسيعود هؤلاء لوضعهم الطبيعي، أتمنى أن تلتفت وزارة التعليم للمسرح المدرسي واكتشاف المواهب الصادقة والحقيقية، وأن تسارع وزارة الثقافة للعمل بالدور المأمول منها، وأن توفر هيئة الترفيه الدعم المادي والمعنوي للمواهب بالتمثيل والغناء والترفيه، وأن تقف وزارة الإعلام كرقيب لمن يتجاوز، فالأمر ليس مجرد من يسمى مشاهير ومتابعين، الأمر يتعلق بثقافة وذوق عام وجيل قادم متأثر للأسف بأكثر التافهين. Your browser does not support the video tag.