لا يوجد في الحياة ما يجعلك تشعر بالفرح أكثر وبالحزن أكثر وتحب وطنك اكثر وتكره العذال أكثر، أكثر من الأغنيات. ولا يوجد فنان يجعلك تشعر بكل ذلك بالفعل أكثر من طلال مداح. الغناء فرح وشجن وقرب ودلال وبعد وتعب ووطنية، وطلال مداح غنى لكل ذلك، وزرع في وجداننا الورد والحب والوطن. عذوبة صوته والبساطة والسلاسة التي تنطلق بها حنجرته تجعله قريبا، وأليفا كأنه رشفة الماء أو نور الصباح. لا نتساءل عن سر هذا الصوت، ربما لهذا لقب بفيلسوف النغم، لأن الفلسفة تفسر الأشياء، وتكشف الأسرار، وصوت طلال ببساطته يفسر كل ما غمض في الموسيقى. ويفسر كل أسرارها. أنا راجع أشوفك، سيرني حنيني إليك، ونحن، مهما مرت السنون، يسيرنا الحنين إلى صوته. نفتش عن ضحكاته ونكاته في اليوتيوب. نشكر الذين سجلوا تلك اللقطات، نضحك معه، نتأمل بساطته ونتعجب لم نحن نعقد الأمور بينما هناك عبقري في الغناء قدم كل ما لديه وهو يعيش حياة بسيطة لا تعترف بالتعقيد ولا البروتوكولات وتمرد على كل محاولات الآخرين في رسم الطريق الذي يجب أن يمشي عليه. تشعر بالسعادة تزغرد في قلبك وأنت تسمعه يقول وتقول معه وانت تضحك: اليوم يمكن تقولي يا نفسي إنك سعيدة. يشهد على صدق قولي دقات قلبي الجديدة. وتكاد تسمع دقات قلبك السعيدة. وتملأ ابتسامتك الكون، لأن طلال سعيد وهو يغني، ولأن صوت طلال يزيح الهم ويجعلك تردد مقتنعا أنك سعيد وأن دقات قلبك جديدة. وفي اللحظة التالية وأنت تستمع إلى زمان الصمت أو مقادير، تشعر بالأسى والحزن. وتتذكر كل الأحلام الضائعة وكل المشاوير الخائبة. لكنك لا تبكي. صوت طلال لا ينوح، لا يدفعك للصراخ، صوت طلال، يثير شجنك، ويدفعك للتأمل عميقا داخلك، بصفائه يغسل حزنك. ويهذب إحساسك. تصدق ولا أحلف لك، عجزت بلساني أوصف لك لا يمكن بالنسبة لي أن يكون هناك كلمات حب أشد رقة وعذوبة من هذه الكلمات، تسمعها بصوت طلال وهو يمد يده ويقول وشوف قلبي على يدي، وهو أغلى ما عندي، وتبغى زيادة في حبك. أجيب لك قلب ثاني منين. لا يمكن أن يكون هناك قلبا جمعيا أحب فنانا كما أحب السعوديون طلال. ولذلك لا نقول له نجيب لك قلب ثاني منين، هو في كل القلوب. أكتب عن إحساسي بطلال، لا أكتب عن حياته وريادته وتاريخه وأعماله وإبداعاته والدراسات التي كتبت عنه والألحان التي نفذها والشعراء الذين غنى لهم والشعراء الذين رثوه والفنانين الذين غنوا من ألحانه، كل ذلك كثير جدا، ويحتاج إلى مدى أوسع بكثير. وبرغم كل الذين كتبوا عنه، سيظل آخرون يكتبون عنه. لأنه في لحظة ما، يقبض كاتب على نبض جديد شعر به وهو يسمع طلال. ويقول لنفسه، لابد أن أدون أنا ايضا شهادتي. Your browser does not support the video tag.