عاشت بيروت يومي الخميس والجمعة الماضيين في أجواء طرب حقيقي وفن أصيل، رغم ما تعيشه هذه المدينة الجميلة من مآسٍ سياسية وطائفية، ولكن في حضور سيدة الطرب والفن، مطربة العرب السيدة فيروز، تصمت كل الأصوات ليبقى صوتها يصدّح بأجمل المعاني وأرقى الألحان. رغم الأمطار.. والزحام.. جاء الجمهور من كل مكان، من داخل لبنان وقراها وضيعاتها، ومن الدول العربية، فنانون وسياسيون وإعلاميون.. ومن كل الفئات والطبقات، من كل الأعمار من الجنسين، جاء الجميع وهم في حالة هيام وعشق.. متلهفين لرؤية «جارة القمر» والاستمتاع بصوتها وفنها الساحر.. فمن غير «فيروز» يستطيع أن يجمع الجميع على كرسي واحد.. ومن غير «فيروز» يستطيع أن يجعل الأحلام حقيقة. لقد أثبتت حفلتا بيروت أن «فيروز» هي الآن التي تحمل لواء الأغنية العربية الأصيلة، هي فقط التي تستحق أن يحضرها الجمهور الباحث عن فن حقيقي، فالذي يريد أن ((يسمع)) طربًا و((يعيش)) في معانٍ من الجمال والرقة والعذوبة فلا يبحث عن غير «فيروز». دمتِ لنا يا سيدة الطرب الأصيل.. فلولاكِ لأقفلنا آذاننا من زماااان. * * * * * في ذكرى رحيل مؤسّس الأغنية السعودية الأستاذ طلال مدّاح -يرحمه الله-، قُدمت العديد من البرامج والمقالات والموضوعات الإعلامية، فالراحل الكبير رمز من رموز الإبداع في بلادنا والعالم العربي، وما يقام وسيقام له هو أقل تقدير لفنان مبدع أخلص وأعطى وقدم كل ما لديه من إبداع بدون أي فوائد وبدون أي مقابل. وقدمت إذاعة mbcfm برنامجًا خاصًا بهذه المناسبة يوم الخميس الماضي، من تقديم المذيع ماجد الفاسي والذي قدم برنامجًا جيدًا واستطاع أن يجعل المستمع يعيش في أجواء عالم «طلال مدّاح» الإنسانية والفنية، واستضاف شخصيتين بارزتين، الشاعرة الكبيرة ثريا قابل، والموسيقار الدكتور عدنان خوج، وكان حديثهما عن المبدع الراحل حديثًا من أعماق القلب، وهذا ليس بالغريب عليهما، فهما أهل الوفاء، وطلال يستحق كل الوفاء. البرنامج كان رائعًا كما قلت وإن كان انقطاع الخط مع الموسيقار عدنان خوج كان العامل السلبي الوحيد لأننا كنا نتمنى أن نسمع من موسيقارنا الكثير والكثير من ذكرياته ووفائه للراحل الكبير وخاصةً حديثه عن شهادة الدكتورة التي نالها من جامعة السوربون الفرنسية عن فن طلال مدّاح. ولكن بصفة عام فإن مبدعينا (ثريا قابل وعدنان خوج) من الأسماء المعروفة بوفائها وقد ارتبطا بتاريخ طلال مدّاح كثيرًا، ولهذا فإن حديثهما هو حديث القلب المخلص الوفي. واستضافني الزميل ماجد الفاسي في البرنامج في مداخلة حول مقالتي هنا الأسبوع الماضي والتي كانت بعنوان «طلال مدّاح.. الذي أعلن قيام الأغنية السعودية»، وعن سبب اختياري لهذا التوقيت لكتابة هذه المقالة، فأحب أن أشير هنا الى أن الكتابة عن طلال مدّاح -يرحمه الله- ليس لها وقت مناسب، أو مناسبة معينة، فطلال يفرض نفسه -فنانًا وإنسانًا- يومًا بعد يوم.. في كل وقت.. وبلا أي مناسبة.. رغم أننا نعيش هذه الأيام ذكرى رحيله العاشرة، ولكن يبقى اسم طلال مدّاح في الذاكرة ولا يمكن أن نتحدث عن فن حقيقي أو تأسيس الأغنية السعودية بدون أن نذكر مؤسسها طلال مدّاح. وبالإضافة إلى برنامج الزميل ماجد الفاسي، قدمت إذاعة صوت الخليج القطرية جهدًا رائعًا في ذكرى رحيل طلال مدّاح العاشرة، وهذه الإذاعة لها سنويًا مواقف وفاء مع المبدع الراحل. فتحية شكر وتقدير لكل من كانت له وقفة وفاء مع رجل الوفاء والإبداع، فطلال مدّاح هو أساس الفن السعودي، وهو مؤسّس الأغنية السعودية (غصبًا عن ادعاءات الآخرين)، وها هي عشر سنوات تمر على رحيل المبدع الفنان الإنسان طلال مدّاح.. ومكانته.. وقيمته.. ومحبته في ازدياد في القلوب والوجدان. رحم الله مؤسّس الأغنية السعودية طلال مدّاح. إحساس عندي لك أبعاد كثيرة والشجن فوق الظنون منتهى الحيرة في قلبي حيرة تفضحها العيون وحبي ما تتصورّه فوق انك توصله يا حياتي انت عندي كل شيء (ودي تكون لي)