تُقرر الأحكام الفقهية بالمصادر الأربعة الأساسية، وهي: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، لكن هناك مستندات أخرى شرعية لإثبات الأحكام الفقهية؛ قد دلت نصوص الكتاب والسنة على اعتبارها مستنداً صحيحاً لإثبات الأحكام. وهذه المصادر -في الحقيقة- تبعية متفرعة عن تلك المصادر الأربعة الأساسية؛ فلذلك لم يعدها العلماء زائدة عليها بل اعتبرت راجعة إليها. وأهم تلك المصادر الفرعية التبعية ثلاثة: الاستحسان، والمصالح المرسلة، والعرف. وتمرن المتفقه على هذه المصادر وإجراء النقاشات حول الأمثلة التطبيقية لها يساعده على اتساع عقله الفقهي وزيادة حدة نظره، ودقة ملاحظته مما يجعله أقدر في تدبير نوازل المجتمع ذات البعد الفقهي. كما أنه يفيد المطالع بعظمة الفقه الإسلامي، وحاجتنا إلى فقهاء تمرنوا على هذه الأصول التي أتقن العلماء بناء الأحكام عليها. وإن اشتركت المذاهب الفقهية الأربعة في المصادر الأساسية، وفي عدد من التبعية إلا أن كل مذهب تميز بأصل تبعي، حقيق بكل باحث أن يفهمها أولاً على قواعد المذهب، ومن ثم يتقن التعامل معها، وهي تفيد كثيراً في المسائل المستجدة. ومن تلك الأصول التي قد لا تكون معروفة عند الكثير، وإذا كانت معروفة فقد لا تكون مفهومة: «قاعدة مراعاة الخلاف» وهي الأصل السابع عشر من أصول مذهب الإمام مالك، وأيضاً هذه القاعدة: مراعاة الخلاف..؛ وإن شُهر بها جمهور المالكية (بعض المالكية ينكرها) فإنها موجودة في جميع المذاهب الفقهية في تفريعاتهم. وهذه ملاحظة في كثير من الأصول التبعية؛ أي إن المذهب الفلاني قد يشتهر بأصل ما؛ ولكن المذاهب الأخرى وإن لم تصرح بلقبه فإنها تستعمله في تفريعاتها الفقهية. يقول القرافي المالكي: المصلحة المرسلة غيرنا يصرح بإنكارها، ولكنهم عند التفريع يعللون بمطلق المصلحة. Your browser does not support the video tag.