مستوى الدعم الكبير من القيادة للنيابة العامة، يفسّر مستوى الثقة الكبيرة من المواطنين بشرائحهم كافة بأداء النيابة العامة، وهو ما لاحظه المتابعون من المتخصصين وغيرهم بشكل جلي واضح خلال هذه الفترة القصيرة.. منذ صدر الأمر السامي الكريم في 22 /9 / 1438ه بتحويل هيئة التحقيق والادعاء العام إلى نيابة عامة، وربطها مباشرةً بخادم الحرمين الشريفين، واختيار نائب عام من خيرة رجالات القضاء المشهود لهم بالكفاية، منذ ذلك الوقت توالت شواهد الدعم الكريم من لدن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - أيدهما الله -، وكانت أعمق هذه الشواهد دلالةً ما حظيت به النيابة من ثقة عظيمة جليلة بتكليفها بمساهمتها في الحملة التاريخية الاستثنائية التي قادها سمو ولي العهد - حفظه الله - على الفساد، فاضطلعت النيابة ومعالي النائب بدور لم يخفَ على الجميع، أسهم في تحقيق هذه الحملة لنتائجها المأمولة. ثم تتابعت بعد ذلك الكثير من شواهد ثقة القيادة في النيابة العامة ومعالي النائب، وكان من أبرز محطاتها التي لا تخفى دلالتها على المتابعين، موافقة خادم الحرمين الشريفين على استحداث دوائر متخصصة لقضايا الفساد في النيابة العامة ترتبط مباشرة بمعالي النائب العام، وما من شك أن هذا التوجيه الكريم لم يكن ناحية شكليةً فقط، إنما ينطوي على إرادة جازمة حازمة لمنح النيابة مزيداً من القوة والصلاحيات التي تخولها تتبع هذه القضايا ورصدها والتحقق منها، دون استثناء لأي من كان. وخلال الأيام الماضية أصدر خادم الحرمين - أيده الله - أمره الكريم بترقية 527 عضواً من أعضاء النيابة العامة، وهذا الرقم أدهشني حقيقةً لأنه عددٌ تاريخيٌ هائل، وقد علمتُ من كثير من الزملاء والأصدقاء منتسبي النيابة أن بيئة العمل داخل أروقة النيابة وفروعها تشهد ارتياحاً غير مسبوق من منتسبي النيابة، لقاء ما لمسوه من تيسير حصولهم على حقوقهم الوظيفية، وعدالة في الإجراءات، حتى إني وقفت على حالات لبعض من سبق لهم الاستقالة من النيابة قد عادوا يطلبون الرجوع للعمل فيها، وهذا ما يعتبر أيضاً حالةً استثنائية غير مسبوقة. وإذا كان هذا هو مستوى الدعم الكبير من القيادة للنيابة العامة، فإن ذلك يفسّر مستوى الثقة الكبيرة من المواطنين بشرائحهم كافة بأداء النيابة العامة، وهو ما لاحظه المتابعون من المتخصصين وغيرهم بشكل جلي واضح خلال هذه الفترة القصيرة، حيث لم يكن لها في ظل كيانها السابق (هيئة التحقيق والادعاء العام) نفس هذا الحضور والفاعلية في واقع وقناعات المواطنين. فالمواطنون منذ اللحظة التي أُعلن فيها عن أمر خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بتحويل هيئة التحقيق إلى نيابة وربطها مباشرة بمقامه الكريم، قد أدركوا أن إصلاحاً حقوقياً قضائياً كبيراً قد بدأ في هذا المجال، ثم ما لبثنا حتى بدأ معالي النائب العام يصدّق هذه البشائر بما رأيناه من قوته في الحق، وفرضه بالقوة مكانة النيابة العامة واستقلالها التام، وإيقاف كل ما كان يحدث في السابق من تدخلات في عملها من قبل بعض إمارات المناطق، ليدرك الجميع أن النيابة أصبحت جهةً قضائيةً مستقلةً تماماً عن الجهات التنفيذية، كما أرادت لها القيادة الرشيدة. وفي إطلالة سريعة على أحد أبرز شواهد ثقة المواطنين في النيابة العامة، يمكن للمتابع أن يرى بوضوح ما صار سائداً هذه الأيام من خلال ما يطرحه المواطنون في حراكهم اليومي الدائر على وسائل التواصل الاجتماعي وأبرزها (تويتر)، حينما يوجهون النداء للنيابة العامة ولمعالي النائب العام عند كل حادثة تشغل الرأي العام، ويتوقعون تدخل النيابة لممارسة سلطتها في تلك الحادثة، وفرض ما تقضي به الأنظمة والتعليمات، وتتوالى الوقائع والأحداث لتثبت أن تجاوب النيابة مع كل ذلك كان موافقاً لآمال وتطلعات المواطنين. ولعل أبرز الملفات الساخنة التي لاحظتُ من زاوية تخصصي، أن النيابة العامة أجادت في الاضطلاع بدورها فيها ما يلي: أولاً: قضايا الفساد التي طالما شغلت أذهان وأحاديث المواطنين، بدءاً من ثقة القيادة في النيابة بمشاركتها في الحملة التاريخية لمحاربة الفساد، وما تلا ذلك من استحداث دوائر خاصة للتحقيق في قضايا الفساد، حتى إنه - حسب معلوماتي الموثقة - شملت هذه السلطة والصلاحية التحقيق في اتهامات بالفساد ضد بعض القضاة، بدعم ومتابعة مباشرة من خادم الحرمين وسمو ولي عهده - حفظهما الله -. ثانياً: قضايا العنف الأسري التي وإن لم تكن تشكّل ظاهرةً بحمد الله بل تعتبر حالات شاذة؛ إلا أن تفاعل النيابة معها كان مشكوراً ملحوظاً وعلى قدر الثقة، بصدور توجيهات مباشرة من معالي النائب العام بالقبض على من مارس مثل هذه الأفعال المجرّمة. ثالثاً: التفاعل الواضح المشكور من النيابة العامة مع صدور نظام جديد لتجريم التحرش بشتى صوره، وما قامت به النيابة منذ اللحظات الأولى لصدور النظام من بثّ التوعية في صفوف المواطنين بأحكام هذا النظام، وتدريب منتسبي النيابة على تطبيقه، وتطبيقه في الحالات التي وقعت بعد صدور النظام. رابعاً: لاحظتُ بشكل جلي اضطلاع النيابة بدور سام كريم يتمثل في حرصها على حماية وحدة المجتمع السعودي، والحفاظ على لحمته من التمزق، ومواجهة كل ما من شأنه إحداث شرخ في هذه اللحمة المجتمعية، وهي التي تعتبر أساس الأمن وقاعدة الاستقرار، وتوعية المواطنين بواجبهم تجاه استهداف الأعداء للداخل السعودي، وردع كل من يتجاهل هذه الحقيقة ويحاول خدش هذه اللحمة المترابطة. وختاماً؛ فإنه لا يمكن لي في مقال على عجل رصد وتتبع كل ما لاحظته من شواهد نجاح النيابة العامة التي تشعر المواطنين بالطمأنينة والثقة في أهم أجهزة الدول القضائية الأمنية، غير أني قصدت التنويه إلى ما اجتمع - بفضل الله - لهذا الجهاز العدلي القضائي الشامخ في فترة قصيرة جداً من دعم القيادة وثقة المواطنين، مما يجعلنا نطمح إلى مزيد من الريادة والتقدم في هذا الجهاز بإذن الله، ثم بجهود رجالاته المخلصين وفقهم الله. Your browser does not support the video tag.