إنجازٌ كبيرٌ وانتصارٌ عظيمٌ ستخلده ذاكرة المرأة السعودية في يوم 10 / 10/ 1439، حينما صدر قرار السماح للمرأة بقيادة المركبة؛ تباينت ردود فعل الشارع السعودي بين مَن يرى أنه حق من حقوق المرأة، وهي لا تختلف عن رفيقاتها في بقية الدول الأخرى؛ وبين مَن يعارض ذلك لمبررات لا جدوى منها. لقد كانت لهذا القرار انعكاسات إيجابية لا حصر لها على المجتمع بخلاف ما يراه البعض، فقد حُلت معضلة المرأة العاملة والمطلقة والأرملة، التي تتحمل مسؤولية أسرة بالكامل، حيث كانت بين المطرقة والسندان "قيمة المواصلات والخوف من الخلوة مع سائق أجنبي"، أصابني الذهول من طريقة تفكير بعض العقول، حينما تعارض فكرة أن تمتلك ابنته أو زوجته مركبة تقودها بنفسها دون خوف أو تدخل من أحد لقضاء مستلزماتها الضرورية، ولا يبالي بخلوة ابنته مع رجل غريب لا تعرف ماذا يضمر لها من خفايا، وماذا يحمل في نفسه. قيادتنا الحريصة كل الحرص على بنات الوطن لم تتخذ هذا القرار الحكيم إلا بعد دراسة وتأنٍّ طويل، حيث أخذ هذا الموضوع حيزا كبيرا من الاهتمام حتى تم تنفيذه، وتم تسخير كل القطاعات وتهيئة الأجواء له، فهو لم يكن وليد اللحظة، فقد تم تدريب نساء للعمل فيما يخص المركبات وتحرير المخلفات لتتواكب مع خصوصية المرأة السعودية، وكذلك تم سن قوانين رادعة لكل من تسَوِّل له نفسه التعدي على تلك الخصوصية، لا أحد يقيم مدى احتياج المرأة لسيارة غير المرأة ذاتها وما تعيشه من ظروف حساسة. ولما كان لهذا القرار من أهمية من الناحية الاجتماعية كانت له كذلك مكاسب اقتصادية كبيرة، فقد أنعش سوق السيارات، وله فوائد جمة على اقتصاد الوطن. يبدو أن مَن عارض أو أضمر في نفسه عدم الارتياح لسماح المرأة بالقيادة كان لمجرد أن الأمر حديث على المجتمع، اليوم المرأة وصلت إلى مكانة لا أحد يستطيع أن يهمش دورها في المجتمع. أستطيع التأكيد للجميع أن المرأة السعودية على قدر عالٍ من الثقافة والقدرة على تحمل المسؤولية، وهي جديرة بأن تثبت للجميع أنها أهل للثقة، ومطالبتها بهذا الحق لم تأتِ من فراغ. أهنئ نساء الوطن على هذا الإنجاز الكبير، وأود تذكيرهن بأن القيادة فن ورُقِي وثقافة، وأجزم بأنهن - بإذن الله - سيكونن عند تلك الثقة الملكية، التي منحتهن ذلك الحق. لا نملك غير الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده على هذا القرار الحيوي والتاريخي والمنصف للمرأة السعودية بكل المقاييس. Your browser does not support the video tag.