يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ الأشواق الروحية تسري في دم الإنسان سريان الكهرباء في الأسلاك، فتنير جوانبه وجوانحه، وتجري في وجدانه جريان الماء في عروق الشجر فتملأ خلاياه وحناياه بالطمأنينة والرضا، وتُروي أشواقه الروحية العطشى لرحمة ربّ الأرض والسماء .. والشاعر إنسان .. هو يخطئ ويصيب .. يضل ويهتدي .. ومهما هام في أودية الدنيا فإنه لابدّ راجع يوماً إلى ربّه العلي العظيم يبث له شكواه، ويرفع إليه نجواه، وتخرج من وجدانه قصائد الإيمان والتضرع والدعاء صادقة صادرة من القلب: إِلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّي مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّي وَما لي حيلَةٌ إِلا رَجائي وَعَفوُكَ إِن عَفَوتَ وَحُسنُ ظَنّي فَكَم مِن زِلَّةٍ لي في البَرايا ... وَأَنتَ عَلَيَّ ذو فَضلٍ وَمَنِّ إِذا فَكَّرتُ في نَدَمي عَلَيها ... عَضَضتُ أَنامِلي وَقَرَعتُ سِنّي يَظُنُّ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي ... لَشَرُّ الناس إِن لَم تَعفُ عَنّي أُجَنُّ بِزَهرَةِ الدُنيا جُنوناً ... وَأُفني العُمرَ فيها بِالتَمَنّي وَبَينَ يَدَيَّ مُحتَبَسٌ طَويلٌ ... كَأَنّي قَد دُعيتُ لَهُ كَأَنّي وَلَو أَنّي صَدَقتُ الزُهدَ فيها ... قَلَبتُ لاهلِها ظَهرَ المِجَنِّ (أبو العتاهية) سرح القلب في عشب روض الندم وامزج الدمع من جفن عينك بدم واغتنم صحتك يا فتى والفراغ فإن لا بد ذو صحة من سقم واحبس النفس عن تبع طرق الهوى قبل أن يا فتى بك تزل القدم واحتزب من ضنك عيشك تبتئس فالجسد ربما صحته بالألم يا قليل العزا يا كثير الهموم كن لما رأتك المساوي خصم واتقظ واتعظ وائتمر واعتبر وانتظر للفرج في شديد اللزم ربما شدة تقتحم في العشا والفرج في غد ضيقها المقتحم عن سفاهك متى يا فتى تنتهي غادرك المشيب والصبا انهزم دون ليل الصبا حال صبح المشيب وانت كنّك بعد ما بلغت الحلم بعدما عنك ارتحل عصر الصبا من نذير الفنا، بالك ان تتهم اترك الغي وامسك بكف الهدى العرى التي ما أبد تنفصم كلما نام ناظر لبيب الكرى ارم ثوب الكسل والتأني وقم والبس أردان جلابيب الدجا واتزر بالمسا وارتهب واستقم ثم صل أربع بأربع يا فتى ثم من بعدها بالوتر اختتم ثم بعد الفراغ اسأله ذاك من أوجد السبع والسبع بعد العدم جامع الناس في يوم لا ريب فيه جابر العظم من بعد ما ينقصم ذو جلال يرى ما يلج بالثرى واحترك في غسق ذي ثلاث ظلم آخر ليس له انتها لم يزل قادر قاهر عادل في الحكم واحد ليس له في ملكه شريك ولا في جلالة عظم الاسم كم رفع من وطا وكم حط من شامخ عالي مشمخر أشم لم يزل بالعطا فوق بحر الندى باسط للملا بطن كف الكرم يا حليم عظيم قوي متين لست يا من لما بالخواطر علم عن أحد يا إله البرايا لحد لا ولا للندى من يد تستلم يا رؤوف بنا يا عفوّ غفور بعض حلمك يسع ما جنته الأمم لو رمانا بسهم البلى في زمان قوس صرف النيا والسنين الدهم فإن حبل الرجا ما يبارح منيع فيك يا محيي باليات الرمم بعد هذا النبا يا ردي العزوم دع متى أو عسى أو قمين ثم قمْ اسأل الله باسرار ما قد أتى والقصص وألف لام وميم ولم يا متم الرجا يا جزيل النوال أسألك يا مجيب الدعا بالاسم يا لطيف كريم حليم عظيم يا العلي الذي دايم لم ينم ختم نظمي صلاة على المصطفى ما أضا بارق بالدجى وابتسم (محسن الهزاني) يا مَن يرى مدَّ البعوضِ جناحَها في ظلمة الليل البهيم الأَلْيَلِ ويرى مناطَ عروقِها في نحرِها والمخَّ من تلك العظامِ النحَّلِ ويرى خريرَ الدمِّ في أوداجِها متنقلاً من مفصلٍ في مفصلِ امنن عليَّ بتوبةٍ تمحو بها ما كان مني في الزمانِ الأول (الزمخشري) يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلّا الرَجا وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ (أبو نواس) Your browser does not support the video tag.