يُحَلِّقُ الشِعر بأجنحة بيضاء إذا اتّجه إلى خالقِ الأرض والسماء.. الشاعر إنسان تمور في داخله العواطف.. والشعر فنٌّ جميل مشتق من الشعور.. وإنّ أجمل العواطف وأنبل المشاعر ما اتّجه إلى السماء، في دعاءٍ صادقٍ صادرٍ من القلب، يرجو رحمة أرحم الراحمين، ويُسَبّح باسم خالق السموات والأرض.. رب كل شيء.. ورب العالمين. والأشعار التي قيلت في التوبة والاستغفار.. وفي التوحيد والتسبيح والتمجيد.. وفي النجوى والابتهال والدعاء.. أكثر من أن تُحصر عددا.. وأصدق من أن يشرح جمالها نقدا.. لأنها تصدر من أعماق الإنسان.. وتُقال في أقرب الأوقات إلى الرحمن.. وتخرج من القلب فتدخل كل قلب. على قلبي وضعتُ يدا ونحوك قد مددت يدا استغفر الله عن كثر الزلل واستعين عنايته في كل حال وتراثنا الأدبي، ومأثورنا الشعبي تُنير في سِفْرِهِ الكبير، الأشعارُ التي يتجلّى فيها واقع الإنسان، وصدق توجهه إلى خالقه، وعمق حسه بمعنى وجوده، وفق التصوّر الإسلامي الحنيف والرائع للكون والحياة.. والذي يُخلّص البشر من ظلمات الشرك، ومن وساوس الشك، ومن الحيرة في معنى الوجود، فالحياة الدنيا لدى المسلم المؤمن بالله عزّ وجل، وبما جاء به رسوله الأعظم صلى الله عليه وسلم، حياة واضحة المعالم، راسخة اليقين، بأن هذه الدنيا ممرٌّ للاخرة، ومزرعة للأعمال الصالحة، وسباق نحو مكارم الأخلاق، وإحسان في الأعمال، بينما تبدو الحياة في قلوب غير المؤمنين مأساة سوداء، وقصة حمقى، ودوامة من الشك والحيرة لا يعرف صاحبها السعادة ولا يذوق الطمأنينة التي يحس بها المؤمنون بالله وحده لا شريك له، وبرسوله خاتم المرسلين، وبأنه لا ملجأ من الله إلّا إليه، وبأن الله - تبارك وتعالى- قد منحنا فرصة لا تخطر على قلب بشر، وهي الخلود في جنّاته برحمةٍ منه ورضوان، لمن آمن وعمل الصالحات، ولم يشرك بربه أحدا. (رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) صدق الله العظيم. لغيركَ ما مددت يدا وغيرُك لا يفيض ندا وليس يضيقُ بابك بي فكيف تردُّ من قصدا؟ وُركنك لم يزل صمداً فكيف تذود مَن وردا ولطفك يا خفيَّ اللطف إن عادى الزمانُ.. عدا على قلبي وضعتُ يدا ونحوك قد مددتُ يدا سرى ليلي بغير هدى ولا أدري لأيِّ مدى يُطاردني الأسى أبدا ويرعاني الجوى أبدا نهاري والهجيرُ لظىً وليلي والظلام ردى فوا كبدا إذا أُضْحي وإنْ أُمْسي فوا كبدا وليس سواك لي سندٌ أضعتُ الأهل والسندا على قلبي وضعتُ يدا ونحوك قد مددتُ يدا (طاهر أبو فاشا) كل شيء غير ربك والعمل لو تزخرف لك مرده للزوال ما يدوم العز عز الله وجل في عدال ما بدا فيه الميال والذي ينقاد بزمام الأمل لا تغبطه في زغاتير الهبال استغفر الله عن كثر الزلل واستعين عنايته في كل حال توبة المغتر حاط به الأجل بالعجل يا ايها الراجي محال بادره مادام لك فيه مهل فالمنايا رايحات بك عجال وأسال اللي يستجيب لمن سأل هو يجيبه محتفى بك حيث قال أسأله باسرار ما جاب الرسل واسمه المخزون في علمه تعال يسمح اللي فات في وقت الجهل واسع الغفران وان ضاق المجال العفو والصفح هو للصفح اهل والكرم والجود جوده والنوال غافر الزلات حي لم يزل توبة لي من عطاياك الجزال من روايح رحمتك علّ ونهل لأهل حسن الظن بك ياذا الجلال فإن ذا الدنيا كما ضرب المثل والحياه بها كما طيف الخيال والعزيز بها يذل وينختل يبتلى فيها ومافيها وبال كم رأينا من نعيم واضمحل مع حبيب نازل فيها وشال ياعديم الرأي لوهى بالعقل ما سوت عندك على بختك عقال مختلف بالوصف من زهرالنفل لو تزخرف لك مرده للزوال (محمد بن لعبون) (إِلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّي مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّي وَما لي حيلَةٌ إِلا رَجائي وَعَفوُكَ إِن عَفَوتَ وَحُسنُ ظَنّي فَكَم مِن زِلَّةٍ لي في البَرايا وَأَنتَ عَلَيَّ ذو فَضلٍ وَمَنِّ إِذا فَكَّرتُ في نَدَمي عَلَيها عَضَضتُ أَنامِلي وَقَرَعتُ سِنّي يَظُنُّ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي لَشَرُّ الناس إِن لَم تَعفُ عَنّي أُجَنُّ بِزَهرَةِ الدُنيا جُنوناً وَأُفني العُمرَ فيها بِالتَمَنّي وَبَينَ يَدَيَّ مُحتَبَسٌ طَويلٌ كَأَنّي قَد دُعيتُ لَهُ كَأَنّي وَلَو أَنّي صَدَقتُ الزُهدَ فيها قَلَبتُ لاهلِها ظَهرَ المِجَنِّ) (أبو العتاهية) سرّح القلب في عشب روض الندم وامزج الدمع من جفن عينك بدم واغتنم صحتك يا فتى والفراغ فان لا بد ذو صحة من سقم واحبس النفس عن تبع طرق الهوى قبل أن يا فتى بك تزل القدم واحتزب من ضنك عيشك تبتئس فالجسد ربما صحته بالألم يا قليل العزا يا كثير الهموم كن لما رأتك المساوي خصم واتقظ واتعظ وائتمر واعتبر وانتظر للفرج في شديد اللزم ربما شدة تقتحم في العشا والفرج في غد ضيقها المقتحم عن سفاهك متى يا فتى تنتهي غادرك المشيب والصبا إنهزم دون ليل الصبا حال صبح المشيب وانت كنّك بعد ما بلغت الحلم بعدما عنك ارتحل عصر الصبا من نذير الفنا، بالك ان تتهم إترك الغي وامسك بكف الهدى العرى ألتي ما أبد تنفصم كلما نام ناظر لبيب الكرى إرم ثوب الكسل والتأني وقم والبس اردان جلابيب الدجا واتزر بالمسا وارتهب واستقم ثم صل اربع باربع يا فتى ثم من بعدها بالوتر إختتم ثم بعد الفراغ إسأله ذاك من أوجد السبع والسبع بعد العدم جامع الناس في يوم لا ريب فيه جابر العظم من بعد ما ينقصم ذو جلال يرى ما يلج بالثرى قادر قاهر عادل في الحكم واحد ليس له في ملكه شريك ولا في جلالة عظم الأسم لم يزل بالعطا فوق بحر الندى باسط للملا بطن كف الكرم يا رؤوف بنا يا عفوٍّ غفور بعض حلمك يسع ما جنته الأمم يا متم الرجا يا جزيل النوال أسألك يا مجيب الدعا بالاسم يا لطيف كريم حليم عظيم يا العلي الذي دايم لم ينم أسألك رحمة للبرايا تعم (محسن الهزاني)