ضمن فعاليات نادي جازان الأدبي (رمضان.. الثقافة ألوان)، استعادت ذاكرة الأديب والمؤرخ إبراهيم مفتاح لجمهور المثقفين الذين حضروا لقاعة الاثنينية بالنادي ذكريات عقود خلت للحديث عن رمضان والعادات في رمضان، في ليلة جمعته مع الأديب الشاعر أحمد يحيى البهكلي. الأمسية الرمضانية قدم لها وأداها الشاعر حسين الحكمي متحدثاً عن سيرة الأدبيين ومكانتهما في المشهد الثقافي السعودي. ثم تحدث مفتاح عن العادات والتقاليد الرمضانية في المجتمع الفرساني منوها بالاستعداد المبكر لرمضان حيث يستعد أبناء الجزيرة له ابتداء من نصف شعبان، وقال مفتاح: إن النساء يستخدمن أدوات البيئة الفرسانية في وضع الألوان على الكراسي الخشبية المعروفة بالقعائد، وقال: إن فرسان غنية بالقواقع البحرية حيث يتم تحويلها إلى مادة تزين بها النساء رؤوسهن، وأضاف أن رائحة المستكى وجذور البشام المتيبسة تجعل للجزيرة رائحة فريدة من خلال المشربيات التي تبخر بتلك الروائح لتعطي للماء نهكة مميزة، واستطرد شاعر جزيرة فرسان ذكرياته ليتحدث عن زمن القطران وكيف كانت المرأة تجعل منه مادة للرؤوس وركب الكراسي قبل مجيء الدهانات الحديثة في مظهر من مظاهر رمضان، وقال: إن قرون الغزلان كانت تنسج الحبال لتجديد الكراسي التقليدية، وأضاف أن النساء يقضين بعض الليل بالعتمة بعد الانتهاء من أشغالهن في المسامرات كما يمضين الليل في صنع الكوافي التي توضع على الرؤوس، وزاد: إنني مازلت أتذكر ذلك الرجل الطاعن في السن وهو يحمل فانوساً يمر على البيوت ليقرأ لهم القرآن فيما الشباب يروحون عن أنفسهم ببعض الألعاب الشعبية كلعبة المداويم في منافسة مثيرة حول من يكسر مدوام الآخر، كما يمضون في أهازيج رمضانية في الوقت الذي تخرج التنانير من أفواهها رائحة الأطباق الفرسانية الشعبية، وقال: إن الليل يشهد تنافساً بين قرى فرسان في الألعاب الشعبية، وعن رمضان والتعبد فيه وقال: إن المؤذن ينادي في الليل ثلاث مرات متفاوتة ومنها نداء الوقيدة كي تستيقظ النساء لتجهيز السحور ونداء للقيام من أجل السحور وثالث للصلاة، وقال: إن السحارة كانت تقوم مقام الثلاجة اليوم لحفظ الأطعمة، وعن عصر رمضان قال: إن عصارى رمضان يباع فيها السمك والحطب والخضار واللؤلؤ، وتذكر مفتاح أصدقاء جمعت الدراسة بهم أمثال الدكتور هاشم عبده هاشم ومحمد عبدالرحمن الدريبي والحاج بريك وغيرهم وقال: إنني عينت بعد تخرجي في مدينة بيش وبقيت بها أربعة أعوام قبل ستة عقود، كما أنني شكلت فرقاً للمسرح والتمثيل وارتبطت بالإذاعة من خلال إذاعة صوت العرب، وتذكر الشاعر إبراهيم مفتاح ذلك المعلم الفلسطيني الذي كان شاعراً ودوره في صقل موهبته وتشجيعه، وزاد: كما أنني قرأت على مسامع محمد العقيلي والشاعرين محمد السنوسي الابن ووالده الشاعر علي السنوسي كما قرأت أشعار أبي القاسم الشابي وإيليا أبي ماضي معترفاً بأن له أذناً موسيقية تعرف الأوزان ولاتعرف بحور الشعر، وعلى الرغم من أن حضور مفتاح كان من أجل المسامرة إلا أن الجمهور الذي حضر طالبه بأن ينهي سرد ذكرياته فأنهاها بقصيدتين عن فرسان وعن القصار التاريخية تحديداً، فيما كان للشعر حضوره على لسان الشاعر الكبير أحمد البهكلي مفتتحاً بقصيدة عن رمضان بعنوان: (الموعد) رمضانُ يا مَدَدَ الهدى كالنَّدِّ أنتَ وكالندى هذي القلوبُ تطايَرَتْ شوقًا للقياكَ غَدا خُذْها إلى الرحمن ما في غيره بَلُّ الصَّدَى خُذْهَا لتُزْهِرَ رحمةً وكرامةً وتَعَبُّدا وفي قصيدة وطنية يقول الشاعر البهكلي: جلالك لا يشيخ به الزمان.. وطهرك لا يحيط به المكان إذا غشت السنون على عيون .. فمن عينيك يهمي العنفوان وفي قصيدة أخرى يقول البهكلي: طاو وبين يدي التمر والثمر وظامئ وزلال الماء منهمر واختتم الشاعر أحمد البهكلي أمسيته الشعرية بقصيدته عجين النار حيث يقول: الشعرُ عندي الوردُ إنْ فتّحَا الشعرُ عندي الوردُ إنْ صَوَّحَا الشعرُ عندي الحزنُ إذْ يرتمي غمامةً تَحْجُبُ شمسَ الضُّحَى احمد البهكلي ابراهيم مفتاح Your browser does not support the video tag.