الشاعر حمد هادي المسردي (1360 - 1412ه) أشعاره تلامس القلوب، ولها وقع مؤثر في النفوس.. فهو صاحب إبداع جميل، وإحساس صادق التعبير، ويُعد من ضمن الشعراء الذين تتميز أشعارهم على النبض الراقي، والخيال الواسع، والفكر العميق خاصة عندما يتحدث عنا المعاناة: لي مدّةٍ عن لذّة النوم محروم أسهر وكن بحاجر العين عاير حتى غدا حالي كما حال مهيوم من كثر ما تمسي عيوني سهاير من جور دنياً بان منها لي ثلوم قامت تجرّعني بكاس المراير وأضحك وأجامل كن ما نيب مهموم والصدر وسطه مثل ضو السعاير وقد وترك المسردي الذي توفي في مدينة أبقيق عن عمر يناهز الخمسين عاماً هذا الإرث، وهذا لأدب من هذه الإبداعات، وهذه الأشعار الجميلة خلفه.. فقد رحل ولم يرحل ذكره، وسوف يبقى اسمه نجماً لامعاً بين نجوم الشِّعر، وتبقى أشعاره خالدة في قلوب مُحبيه الذين يجدون لها نكهة خاصة ومنها على سبيل المثال في الحكمة: من كثر ما له سارد الناس برضاه ولو كان ناقص قالوا الناس وافي ومن قلّ ما بيده ترى الناس تشفاه لو كان يسقيهم عسل قند صافي ولما يتميز به شاعرنا من قوّة الموهبة، وسرعة البديهة في مجال النظم، وكذلك في ميدان المحاورة فقد كان ركناً من أركان الشّعر الحقيقي في ساحة أدبنا الشعبي.. ويُعد المسردي من الشعراء الذين تردد ذكر ديارهم في أشعارهم، فهو كثير الوجد والحنين لمسقط رأسه مركز (جاش)، وكثيراً ما ترد في أشعاره كقوله: أنا حالف ما أنساه ما دام هضبة جاش وما دام يقرب نازح البعد مطراشه وأنا حالفٍ ما اطيع في عشرته غشّاش ونفسٍ تريد العزّ ما هي بغشاشه ويعد من الشعراء الذين سافروا كثيراً وعانوا ألم الغربة فتجده كثير الوجد والشوق المرتبط بالحنين والهموم والهواجي، ويتضح ذلك من خلال هذه القصيدة التي جادت بها قريحته الشِّعرية: يا لج قلبي لج سرب من الميراج ليا أصدر لأوامر قايده وأعلن الغاره مع الفجر الأول عاد ضوح السفر ما أنباج تحرّك وتعداده ثلاثين طياره ويا والله اللي غلّق الصبر ما يحتاج ولو كان عيني بأول الوقت صبّاره هواجيس قلبي بالدقيقه تجيه افواج وعيني شقاويه والافكار محتاره تخالف همومي مثل ما تختلف الأمواج على شاطيٍ ما بين فرضه.. وعباره توارد وترد القلب من كل فج.. وفاج وتقبل كما أمواج مع ريح صرصاره ليا أشتد صلف النود والبحر هاج.. وماج تسوقه على الشاطي عواصيف جباره غريب ومشتاقٍ.. وشفق على المنهاج وسود الليالي تخلف الظن غدّاره وجودي على شوف المحبين يا فراج وجود الكسير اللي دنو منه بجباره ومن بوحه العذب في مجال الغزل هذه القصيدة التي تحتوي على مفردات نادرة، وأحاسيس رقيقة، وصور رائعة: شفت أنا بالعين رعبوبٍ بنظراته رماني آه يا مابي على جيّه ولا لي فيه حيله نابي الردفين ملهوف الحشى حلو اللساني ضامر السرجوف غضّ العود والقامه طويله كاشفٍ ما يلبس البرقع ومن عقلي سباني عود غيّ غاويٍ بالفن وأجناسه قليله حين لاقاني وغضّ الطرف مجلي الثماني صابني سهم الخطر من طرف منسوع الجديله قلت يا سيد العذارى ليت حنّا لك عواني ليتني وياك يا زين الوصايف من قبيله صدّ عني مستحي يا ناس لكن ما جفاني والتفت لي بابتسام وزوّد الحمّى مليله حمد المسردي إعداد / بكر هذال Your browser does not support the video tag.