مع انتشار المعلومات والأخبار عن تفشي أي مرض، ولنأخذ مثالا تفشي مرض الجرب في بعض مناطق المملكة العربية السعودية إلى حد يصوره بعضهم وباء، ومع الأسف شارك الجميع في انتشار هذه المعلومات صحيحة كانت أم مغلوطة، سواء كان ذلك عبر الإعلام التقليدي أو عبر الإعلام الجديد، كما شارك أفراد من المؤسسات الصحية وأيضا من المحسوبين عليها، بل حتى أفراد المجتمع من العوام، بينما الجهات الصحية الرسمية هي المخولة بإصدار بيان رسمي وتعميم عن الطريقة الصحيحة لتطبيق الأدوية المصروفة للمصابين، وأماكن الجسم التي يجب عدم إهمالها عند تطبيق الدواء. وقد لاحظنا في مختلف وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي اختلافاً بين آراء الأطباء، فمنهم من يقول إن الطفيليات لا تصيب سوى المناطق الحارة في الجسم أو أماكن الطيات، ومنهم من يؤكد أن الإصابة قد تلحق فروة الرأس والأكتاف أو حتى الظهر أيضاً من المناطق المكشوفة، ناهيك عن اختلافهم في درجة خطورة المرض، حيث قال بعضهم إنه مرض سطحي خفيف، حيث لا يتسبب سوى في حكة مزعجة وطفح جلدي، بينما صرح آخرون بأنه مرض خطير فيما إذا وصل التلوث إلى مجرى الدم. كما أن هناك حاجة لإيضاح ما إذا كانت الحيوانات ذات علاقة في نقل تلك الطفيليات من عدمه، وبناءً عليه تتضح ضرورة علاج تلك الحيوانات أو التخلص منها من عدمه، ويجب أن يتوافر الدليل العلمي على ماهية العلاقة، حيث إن أوروبا لم تتخلص من مزارع الدجاج إلا بعد أن ثبت ضررها بشكل قاطع، وبالأبحاث العلمية في المختبرات الرسمية. وعند تناول حل المشكلة جذرياً ننظر في تاريخ العرب، حيث أصاب مكة مرض الطاعون في زمن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وعجز المسلمون عن إيجاد حل ووضع حد لتفشي وباء الطاعون وقتها، فاستدعى الخليفة الراشد الصحابي الجليل عمرو بن العاص، وكان من دهاة العرب الأربعة المعروفين في ذلك الزمان، فأشار عمرو بن العاص على خليفة المؤمنين بتفرقة الناس على رؤوس الجبال، وخلال ثلاثة أيام انتهى وباء الطاعون وقضي عليه. وإذا قسنا عليها مشكلتنا الحالية، فإننا نستنتج أن ما يدور الآن إنما هو نقاش على المستويين الصحي والطبي، بينما لا نجد مشاركات وأطروحات لحلول تصدر عن تفاعل مؤسسات المجتمع المدني الأخرى، إضافة إلى ذلك لوحظ غياب دور المجتمع والمواطن في توجيه الجهات المعنية لاتخاذ الحلول المناسبة، بل على العكس كان دورهم سلبيا في ترويج الإشاعات والأفكار السلبية، ما يزيد اللغط والإرباك حول المشكلة. وأجد أن حل أي مشكلة صحية يزيد اللغط حولها، وتصبح من مسببات الرعب لدى المواطن البسيط، يكمن في إيجاد حل جذري لمصدر المعلومات الصحية، كأن يكون هناك مركز معلومات صحي معتمد، يصدر عن وزارة الصحة أو مؤسسة صحية كبرى معتمدة وموثوقة مثل مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، وذلك ليكون هناك مصدر موحد ومعتمد، ما سيكون له الأثر في نشر الثقافة الصحية أولاً، وثانياً سيكون مصدر أمان للمواطن أمام كل مشكلة صحية. Your browser does not support the video tag.