حذر بحث صدر حديثاً من أن انحسار دور قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر في الساحة السياسية الليبية على خلفية الأخبار التي تتحدث عن تدهور حالته الصحية مؤخراً، سوف يستفيد منه سيف الإسلام القذافي، موضحا أن سيف الإسلام ينافس حفتر في صفوف القبائل والأوساط العسكرية المتعاملة الآن مع عملية الكرامة، وذكرت أن القذافي استفاد من بقايا أتباع نظام والده في المنطقة الوسطى والغربية، وأن له أنصاراً كثيرين في أوساط قبائل الورفلّة والفرجان، مشيرة إلى أن خلوّ المشهد من حفتر سيكون مناسباً جدّاً لعودة سيف الإسلام القذافي؛ حيث تبقى الساحة الليبية مفتوحة على خيارات سياسية عدّة. وأوضح البحث الذي حمل عنوان: "ليبيا: مستقبل عملية الكرامة في حال غياب المشير خليفة حفتر" للباحث في وحدة دراسات المغرب العربي بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية د. محمد السبيطلي، أن السياق الذي جاء فيه مرض حفتر تمثل بالجمود السياسي العام بخصوص الملف الليبي؛ فالمبعوث الدولي للأمم المتحدة لم يتمكن حتى الآن من تحقيق اختراق يُذكر رغم اللقاءات التصالحية التي أشرف عليها، سواء في تونس أو في مختلف المدن الليبية، كما أن الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية في توحيد المؤسسة العسكرية الليبية لم تصل إلى نتيجة حتى الآن، أما من جهة غرب ليبيا، فانتخاب رئيس جديد للمجلس الأعلى للدولة "خالد المشري" -الذي بادر بالدعوة إلى لقاء رئيس برلمان طبرق "عقيلة صالح" الذي استجاب لذلك- يعد خطوة تصالحية مهمّة. وذكر البحث الذي جاء ضمن دورية "تعليقات" البحثية التي يصدرها المركز أن حكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج تمتلك إمكانية الوصول والتأثير في حاضنة عملية الكرامة في غياب زعيمها، وعدم تجانسها واجتماعها حول شخصية قائدة موحّدة؛ فالعديد من الشخصيات البارزة في حكومة الوفاق والمجلس الأعلى للدولة هم من القيادات العسكرية السابقة لعملية الكرامة، وينحدرون من القبائل الحاضنة لها في الشرق الليبي؛ لذلك قد تعود وتحاول من جديد الاقتراب من الأوساط العسكرية والأعيان القبليين ونواب طبرق، وتحقق اختراقاً يمهد لمصالحة تتم في إطار جهود المبعوث الأممي "غسان سلامة" وبالتنسيق مع كل الأطراف الليبية الفاعلة شرقاً وغرباً وجنوباً. وأشار التعليق إلى أن مرض حفتر شكّل فرصة لكل الأطراف الليبية بإقليم برقة والداعمين الإقليميين والدوليين له؛ للتفكير في ترتيب مسار خلافته؛ لمنع انهيار عملية الكرامة من جهة، وكذلك لتجنب انفراط عقد التحالف الذي شكله في شرق البلاد من جهة أخرى، مبينة أن الأطراف الإقليمية الداعمة، وكذلك الفاعلون المحليون في الشرق؛ لن تقبل بانهيار عملية الكرامة قبل أن تخرج البلاد من المأزق السياسي الذي تعيشه منذ 2014م، في سياق حل شامل ومؤسسات دائمة، ولفتت إلى أن العقبة متمثلة في الوجه السياسي الذي يمكن أن يحلَّ محلَّ المشير حفتر؛ حيث إنه ليس هناك إجماع حول شخصية من الدائرة الضيقة التي تحيط بالمشير حفتر، وخصوصاً أن بعض هذه القيادات حصلت لها إشكالات مع بعض شرائح مجتمع الشرق الليبي حدَّت من شعبيتها أو شوّهت بعضاً من صورتها. ويحدد الباحث السبيطلي في تعليقه، الدائرة العسكرية المحيطة بحفتر والوجوه المرشحة لخلافته في منصب قيادة الجيش، مبيناً أنه يعتمد على مجموعة من القيادات العسكرية التي تعود من حيث الأصول إلى قبيلة الفرجان مثله، وبالأساس من منطقة سرت، ويُذكَر منهم: العميد عون الفرجاني، والضابط سليم محمود الفرجاني المسؤول عن أمن الدولة، وأيضاً بلقاسم الفرجاني الضابط الممسك بجهاز الأمن الداخلي، إضافة إلى الفريق عبدالرزاق الناظوري رئيس الأركان العامة للجيش الوطني، ويُعد أبرز المرشحين لخلافة المشير حفتر في حال غيابه عن قيادة عملية الكرامة؛ حيث إنه الرجل الثاني في العملية، ولكنه يواجه منافسة حادة من قبل تحالف يجمع ابنَيْ حفتر: النقيب خالد، والنقيب صدام، اللذان يقودان الكتيبة 106 في بنغازي، واللواء عبدالسلام الحاسي أحد رجال حفتر الأوفياء ومستشاره الأمين وأحد أعمدة عملية الكرامة. ويخلُص البحث إلى أن المرشحين لخلافة المشير خليفة حفتر ليسوا بالشخصيات السياسية؛ بل هم عسكريون ولا تتوافر فيهم أي قَدْر من الكاريزما التي يمتلكها حفتر منذ تزعُّمه عمليةَ الكرامة شرق ليبيا؛ حيث يتمتع بشعبية كبيرة وعلاقات محلية وإقليمية قوية، موضحة أن قبائل الشرق الليبي مثلت بالنسبة لعملية الكرامة حاضنةً شعبية مهمّة، وأن ما يجمع التحالف القبلي السياسي هو مكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة في المنطقة، وأكد أنه وباستثناء المشروع الفيدرالي الذي يُعرف بانتشاره في صفوف سياسيِّي المنطقة الشرقية من ليبيا ليست هناك مشاريع أخرى سوى الذي يتزعَّمه حفتر، والذي يتمثل في نهاية المضاف بتكريس سلطته بوصفه زعيماً ليبيّاً. Your browser does not support the video tag.