منذ العام الماضي وسعر صرف اليوان الصيني يسير في منحنى منحدر حتى وصل الأسبوع الماضي إلى 6,7690 يوان لكل دولار. وهذا أقل سعر صرف له منذ عام 2010؛ لأن الصين بعد الأزمة الاقتصادية عام 2008 قد واجهت ضغوطات كبيرة، من قبل أكبر شركائها الاقتصاديين وعلى رأسهم الولاياتالمتحدة، للقيام بتحفيز الاقتصاد العالمي من خلال رفع سعر صرف عملتها. بالفعل فإن سعر صرف عملة بلد يحتل المرتبة الأولى في العالم من حيث حجم التجارة يعتبر أمرا لا يخص هذا البلد وحده وإنما العالم؛ ولذلك فإن معاودة اليوان مساره نحو الانخفاض يؤثر في الاقتصاد العالمي من ناحيتين على الأقل: الأولى أن سعر الصرف المنخفض للعملة الصينية سوف يساهم في رواج البضائع الصينية الرائجة أصلاً في الخارج نتيجة تدنى أسعارها. في المقابل فإنه سوف ترتفع أسعار البضائع التي تصدرها البلدان الأخرى للصين. وهذا يؤدي إلى زيادة إيرادات الصين من العملة الصعبة وانخفاض إيرادات بقية البلدان التي سوف تواجه صعوبات في تصريف بضائعها ليس فقط في الصين والأسواق الأخرى وإنما في أسواقها الداخلية أيضاً. الأمر الذي يؤدي إلى بروز فائض في الحساب الجاري الصيني وعجز في الحساب الجاري عند غيرها من البلدان الصناعية. ولذلك فليس مستغرباً أن يطلق على ما تقوم به الصين بحرب عملات. ولكن ما يشغل العالم بصورة أكبر ليس هذه الحرب وإنما الأسباب التي تقف وراءها. فالمتابعون والمحللون ليس لديهم جواب واحد بهذا الخصوص. إذ إنه غير واضح حتى الان فيما إذا كان المسار المنخفض لسعر صرف العملة الصينية هو أمر مخطط ومسيطر عليه من قبل السلطات المالية الصينية أم أنه خارج سيطرتها. وما يدعو لزيادة المخاوف هو أن مسار العملة الصينية يتناقض مع التوجهات التي اتخذتها القيادة الصينية في الأعوام الأخيرة لتغيير نمط الاقتصاد من اقتصاد قائم على التصدير إلى اقتصاد يلعب الاستهلاك الداخلي والواردات فيه دورا لا يستهان به. الأمر الآخر الذي يبعث على القلق هو أن معدل نمو الاقتصاد الصيني وحجم الاحتياط الكبير من العملة الصعبة يفترضان أن يؤديا إلى ارتفاع سعر صرف اليوان لا إلى انخفاضه؛ ولذلك فربما تكون الديون الضخمة هي السبب، فحجم ديون الشركات الصينية يصل إلى 145% من الناتج المحلي الإجمالي والاقتراض الحكومي إلى 25 تريليون دولار. وهذا الوضع غير المستقر للاقتصاد الصيني يهمنا من عدة نواح. فأولاً الصين هي أكبر شريك تجاري للمملكة. وهذا يعني أن مشكلات الاقتصاد الصيني سوف تنعكس بالسالب على حجم وارداتها من نفطنا. أما متحصلاتنا من كل برميل نفط نبيعه للصين فإنها سوف تتوقف على ما إذا كانت العملية سوف تتم باليوان أم الدولار. ولكن الأهم أن تراجع اليوان لا يحفز مجلس الاحتياطي الفدرالي على رفع سعر الفائدة على الدولار؛ لأن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع أسعار البضائع الأميركية المصدرة للخارج وبالتالي فسح المجال للمنتجات الصينية للنفاذ للأسواق العالمية بصورة أكبر. وكما يقول المثل رب ضارة نافعة. فهذا السيناريو إذا تحقق فإنه سوف يصب في مصلحتنا لأن سعر صرف الدولار المرتفع يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط.