قبل أكثر من ثلاثين عاما تبرع رجل الأعمال الدكتور ناصر الرشيد بإنشاء مستشفى متخصص لمعالجة بعض الأمراض السرطانية. حينها لم تكن التبرعات تخرج عن النسق التقليدي المعروف، مما جعل البعض يطرح السؤال مستفسراً عن شخصية المتبرع، الذي لم يكن معروفاً آنذاك، ومستغرباً من مجال التبرع ذاته. ظن المعنيون بموضوع الدور الاجتماعي لمنشآت القطاع الخاص، بل وتمنوا، أن يكون ذلك فتحاً في توسيع مجالات العمل الخيري لمنشآت القطاع الخاص ورجال الأعمال، وبداية للخروج من المحيط التقليدي للعمل الخيري المحصور في دعم الجمعيات الخيرية وبناء المساجد وغير ذلك من الأعمال التي لا يختلف أحد على أهميتها؛ ولكن ذلك التمني بقي تمنياً حيث لم تبرح التبرعات والأعمال الخيرية مجالها التقليدي. الأسبوع الماضي أعلن رجل الأعمال المعروف عبدالله بن سعد الراشد عن تبرعه بإنشاء مستشفى للتأهيل في محافظة الأحساء بمبلغ قدره 200 مليون ريال، مما جعل قصة المهندس ناصر الرشيد مع مستشفى الأمراض السرطانية تعود للذاكرة من جديد، مما جدد التمني بمراجعة أصحاب الخير وملاك الشركات طريقة عملهم وتعاملهم، بل وفلسفتهم ونظرتهم تجاه التعاطي مع العمل الخيري. ندرك أسباب اهتمام رجال الأعمال وأصحاب منشآت القطاع الخاص بالعمل الخيري التقليدي، ولكن ما يراه المهتمون والمعنيون بالمسؤولية الاجتماعية للشركات وما تقدمه من خدمات للمجتمع، أن ذلك ليس كافيا وأن حصر تلك الأعمال في مجال واحد لا يحقق الهدف المنشود منها، وإذا كانت المرحلة الماضية قد تتقبل حصر العمل الخيري في مجال واحد، فإن المرحلة التنموية الحالية، وازدياد أعداد السكان، ونضج منشآت قطاع الأعمال لدينا، واختلاف تفكير القائمين عليها، يجعل المناداة بتنوع مجالات العمل الخيري أمراً مشروعاً. مساحة المملكة والنمو السكاني بها والتطورات التنموية التي مرت بها في السنوات الأخيرة تتطلب دوراً أكبر لمنشآت قطاع الأعمال ورجاله. المرحلة تقتضي مساهمة ذلك القطاع في إنشاء المستشفيات والمراكز العلاجية، بل وإنشاء الجامعات والمراكز البحثية والاستفادة من التوجه الذي بدأ يبرز في السنوات الأخيرة المتمثل في ازدياد ظاهرة العمل الوقفي واهتمام رجال الأعمال به، فالعمل الخيري المتنوع في المملكة مازال يحتاج أكثر من "راشد" و"رشيد". Your browser does not support the video tag.