تدرك المملكة بعمق أن الحرب لن تنتج سوى مزيد من الألم للشعب اليمني، وأن التدخل الإيراني في اليمن وجعله محوراً للهجوم على جيرانه يعتبر خطأً تاريخياً لا بد من تصحيحه وإبعاد المتسبب، لذلك سعت المملكة وحلفاؤها إلى إنهاء هذه الحرب والعمل على تحجيم التدخل الإيراني في اليمن.. الأزمة اليمنية شكلت حدثاً مؤلماً بين الثورات العربية، فقد اقترنت الأزمة اليمنية بنتائج قاسية تم إنتاجها من قبل آخرين، وهذا ما يطرح سؤالاً مهماً حول من فرض هذه الأزمة ومن كان خلف ظهورها؟، ليس هناك شك في أن إيران تقف خلف بناء هذه الأزمة وإنتاجها على الأرض اليمنية، فعبر ميليشيات الحوثيين نجح الاثنان بتهديد السلم في اليمن عبر فرض قيم معقدة تداخلت فيها الأبعاد الأيديولوجية والطموحات الإيرانية في المنطقة، لذلك فإن الحقيقة الصارمة هي مسؤولية إيران الكاملة عن كل ما يتعرض له الشعب اليمني بتدخلها هناك. اليمن كجغرافيا وتاريخ لا يمكن انتزاعه من خاصرة الجزيرة العربية، لذلك فإنه من الطبيعي أن أي محاولة لانتزاع هذا الجزء من سياقه التاريخي سيكون انتزاعاً مؤلماً وقاسياً، بل إن نتائج هذا الانتزاع ترسخ التشاؤم لدى كل فرد في المجتمع اليمني، الصورة القائمة في اليمن اليوم مؤلمة إنسانياً ولابد من عمل كبير لإنقاذ الإنسان اليمني، بعد تدخل إيران في اليمن وجر هذه البقعة التاريخية إلى صراع بين أبنائه انطلاقاً من قاعدة أيديولوجية، ليبقى السؤال المهم: من لليمن في هذه المرحلة؟ ومن سوف ينقذه مع كل هذه المشكلات التي تحيط بالأزمة اليمنية؟ بالعودة إلى التاريخ فإن المملكة عملت وعبر تاريخ طويل من العلاقات على أن يكون اليمن جزءاً من مجال علاقاتها المتينة مع الأصدقاء، فالمملكة تشكل لليمن عمقاً استراتيجياً كبيراً، والالتزام السعودي تجاه اليمن هو أيضاً التزام تجاه الإنسان اليمني بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى، فاليمن يقع في خاصرة الجزيرة العربية ويشكل موقعه مرتكزاً مهماً لكل دول العالم، ويشرف على أكبر الممرات المائية أهمية في العالم. الجهود الدولية تجاه الأزمة اليمنية أنتجت تسعة قرارات أصدرها مجلس الأمن حول الأزمة في اليمن بين العامي (2014 / 2018)، بالإضافة إلى ستة بيانات رئاسية صدرت بين العامي (2013 / 2018)، وكل هذه القرارات والبيانات، وتحديداً البيان الرئاسي الذي صدر الخميس الماضي أعطى مؤشراً مهماً عكس الجهود الإنسانية الكبرى للدول التي عملت في بعد إنساني كبير من أجل نقل الأزمة اليمنية إلى مرحلة جديدة سوف تنبئ قريباً بمشيئة الله عن انفراج في هذه الأزمة بجهود إنسانية كبيرة ساهمت فيها دول التحالف والمملكة بشكل خاص. اليمن وشعبه الكبير شكل للمملكة تواؤماً تاريخياً كبيراً، وتدرك المملكة بعمق أن الحرب لن تنتج سوى مزيد من الألم للشعب اليمني، وأن التدخل الإيراني في اليمن وجعله محوراً للهجوم على جيرانه يعتبر خطأً تاريخياً لا بد من تصحيحه وإبعاد المتسبب، لذلك سعت المملكة وحلفاؤها إلى إنهاء هذه الحرب والعمل على تحجيم التدخل الإيراني في اليمن. وتأكيداً لذلك فإن هذا التدخل الإيراني أنتج أزمة يقول عنها التقرير الأممي الذي صدر الخميس الماضي: إن اثنين وعشرين مليون إنسان باليمن هم بحاجة إلى مساعدة إنسانية، والحقيقة أن إشارة القرار الدولي إلى جهود المملكة في الجوانب الإنسانية يعتبر دليلاً قاطعاً على أن المملكة تقف مع الحق في هذه الأزمة، والذي يمثله الشعب اليمني في كل بقعة من اليمن دون النظر إلى أي أبعاد جغرافية أو أيديولوجية أو قومية. في أعمال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية تتشكل الصورة الحقيقية لالتزام المملكة بتقديم كل ما يمكن من مساهمات إنسانية هدفها التخفيف عن أبناء الشعب اليمني؛ وذلك بهدف نصرة الشعب اليمني وتقديم صور من التعاون والتكافل بين الأخوة والأشقاء، وقد أثبتت القرارات الدولية أن حجم الالتزام الذي تقدمه المملكة تجاه اليمن يشكل مرتكزاً أساسياً، فقد أشار القرار إلى التزام المملكة وحلفائها على تقديم أكثر من مليار ونصف المليار دولار من أجل المساهمة في تنفيذ خطة العمل الإنساني في اليمن للعام (2018). المملكة وبنضجها السياسي تدرك أن إصلاح البنى السياسية والاجتماعية الأساسية في اليمن عمل تكاملي بين الأبعاد الإنسانية وبين ترسيخ الشرعية السياسية للحكومة الشرعية، وهذا يتحقق بدعم دولي كالذي أشار إليه القرار الرئاسي الصادر في الأممالمتحدة الخميس الماضي، فبرغم ما تتعرض له المملكة من هجمات بالصواريخ الباليستية إلا أن الجهود الإنسانية التي تقدمها المملكة تتقدم أي عمل، فالتخفيف عن الشعب اليمني إنسانياً هو الهدف الرئيس، وليس أكثر لأن المملكة تدرك أن الحرب في أفضل احتمالاتها تنتج جحيماً مدمراً. Your browser does not support the video tag.