لطالما طالبنا بخلو منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل على الرغم من سعي دول بعينها سراً وعلانية لامتلاك هذا النوع من الأسلحة الفتاكة. يبدو أن المطالبة وحدها لا تكفي، إذ إن التخفي وراء الأغراض السلمية مكّن دولة مثل إيران من الوصول إلى مراحل متقدمة في تخصيب اليورانيوم قبل التوقيع على اتفاقية لوزان التي وضعت حداً مؤقتاً لطموحاتها في الانتقال إلى المستويات التي تسمح بإنتاج كميات كبيرة من البلوتونيوم اللازم لإنتاج قنبلة نووية. تلك الاتفاقية التي فتحت الباب واسعاً أمام النفوذ طهران في المنطقة بعد رفع العديد من العقوبات المفروضة على النظام الإيراني، أعادت المليارات من الأموال المجمدة التي ساهمت في منع انهيار اقتصاده المنهار وضخ المزيد من الأموال في دماء الميليشيات الشيعية التي تقتل وتشرد الشعوب العربية في سورية والعراق واليمن. لم يلتفت أحد لدعواتنا السلمية ولا لتحذيراتنا المتواصلة من مطامع إيران وتاريخها الطويل في التحايل والتنصل من العهود والمواثيق لأننا باختصار في عالم لا يؤمن إلا بمنطق القوة الذي أصبح الآن هو المهيمن على مبادئ العدالة التي فشلت لعقود في حل القضية الفلسطينية وظلت عاجزة عن حماية أطفال الغوطة الشرقية وغيرها من البلدات والمدن السورية من بطش نظام الأسد وحلفائه. نحن في منطقة غاية في التعقيد وتكاد تكون منسية في تطبيق القرارات الدولية إلا عندما يتعلق الأمر بصراع النفوذ والمصالح الذي تغذيه الدول الكبرى خدمة لأجنداتها وما تسعى لتحقيقه من أهداف. بهذا المنطق لا يمكن انتظار امتلاك إيران لقنبلة نووية حتى نتحرك بعد فوات الأوان، لذا كان موقف سمو ولي العهد واضحاً في لقائه مع برنامج (60 Minutes) عندما أكد على أن المملكة لن تقف مكتوفة الأيدي عند قيام طهران بتطوير سلاح نووي، وأنها ستعمل على امتلاك القدرة النووية لمواجهة هذا الخطر دون تردد. من غير المقبول السماح لهذا النظام ذي الميول النازية والعقيدة الهتلرية أن يتحكم بمصير منطقة بأكملها أو أن يجعلها رهينة لمغامراته ومطامعه التي تتجاوز حدوده الجغرافية. هذا الموقف الحازم هو ما سيدق ناقوس الخطر في إيران التي تدرك أن عزوفنا عن الدخول إلى النادي النووي هو قرار سيادي بحت وأنّ ما نملكه من علاقات وإمكانات سيجعل السلاح النووي جزءاً من ترسانتنا العسكرية خلال أيام فقط. لا نريد إطلاق سباق لامتلاك أسلحة الدمار الشامل، لكن تراخي المجتمع الدولي عن التعامل بجدية مع التهديدات الإيرانية هو ما سيغذي هذا السباق وعندها لن نقبل بأن نكون أبداً في المركز الثاني. Your browser does not support the video tag.