التقنية المتقدمة أصبحت الأساس الذي تقوم عليه حضارة العصر الذي يقوم اقتصاده على الصناعة بكافة أنواعها وتفرعاتها سواء كانت معرفية أو تحويلية أو خدمية، وهذا يترتب عليه أن يكون العاملون مؤهلين للاضطلاع بمسؤوليات تلك القطاعات سواء كانت إدارية أو تسويقية أو فنية أو تشغيلا وصيانة، ويدخل في ذلك القدرة على التدريب والبحث والتطوير. وبما أن الشهادة الأكاديمية وحدها لا تكفي للتأهيل لمتطلبات سوق العمل لذلك لا بد من تعزيزها بخبرات تطبيقية وشهادات مهنية في مجال التخصص تجعل طالب العمل أكثر ملاءمة للانخراط في ذلك السلك المهني الواعد. وبما أن المملكة تخوض غمار حراك رؤية 2030 التي من أهم أهدافها العمل على تعدد مصادر الدخل والحد من الاعتماد على البترول كمصدر وحيد للدخل فإن هذا فرض الاتجاه الى الاستثمار في الصناعات المعرفية والسياحية والخدمية والتحويلية التي برزت كأحد أهم القنوات الواعدة لتحقيق تلك الرؤية المباركة، وهنا تبرز أهمية الاستعداد المبكر ومنذ الآن لتوفير كوادر سعودية مؤهلة قادرة على الوفاء بذلك التوجه خصوصا أن عملية السعودة والحد من العمالة الوافدة قد اخذت تتحقق على أرض الواقع بزخم غير معهود. وإذا أخذنا مشاريع القدية وجزر البحر الأحمر ونيوم التي أعلن عنها ولي العهد -حفظه الله- بعين الاعتبار نجد أنها سوف تفتح فرص عمل للشباب، وهذا يدعو إلى العمل على إعدادهم منذ الآن بحيث يستطيع الشباب المشاركة في إنشائها وإدارتها وتشغيلها وصيانتها خصوصا أن أعدادا كبيرة من خريجي الجامعات السعودية وبرنامج خادم الحرمين الشريفين على استعداد تام للالتحاق بأي برامج توظيف أو تدريب للوفاء بمتطلبات تلك المشاريع، وهذا سوف يكون له عدة فوائد من أهمها توطين تقنيات تلك المشاريع وخفض نسبة العمالة الوافدة والحد من البطالة. وهنا تبرز مسؤولية القطاعات الصناعية القائمة والمستقبلية في تدريب وابتعاث أعداد من الشباب السعودي للتدريب والدراسة التطبيقية في الشركات والمصانع ذات العلاقة لأن هذا يتيح للشباب كسب الخبرة من خلال الاحتكاك والممارسة وتعلم الضبط والربط وإدارة الوقت والعمل كفريق والقدرة على ابتكار حلول وبدائل للمشاكل التي يمكن أن تواجه العاملين في تلك المجالات. ناهيك عن جعل بعضهم يتخصص في مجالات البحث والتطوير الذي يجب أن يكون جزءا لا يتجزأ من هيكل أي منشأة صناعية أو معرفية أو خدمية. وفي هذا السياق يمكن اقتراح أن يتم الاتفاق مع عدد من الشركات والمصانع والبنوك وأسواق المال في الدول التي يتواجد فيها مبتعثون لتدريبهم لمدة سنة أو سنتين قبل العودة إلى الوطن. وذلك كجزء من تأهيلهم لسوق العمل على أن يتم تحديد القطاع الذي سوف يعملون فيه بعد العودة والذي على ضوئه يتم التدريب وهذا يعني أن كل خريج أنهى فترة التدريب سوف يحظى بوظيفة جاهزة عند عودته. كما يمكن أن يطبق هذا الأسلوب على خريجي الجامعات السعودية بحيث يفرض على كل قطاع صناعي أو سياحي أو خدمي تدريب خريجي عدد من الجامعات كل في مجال تخصصه، ويمكن ضبط ذلك التوجه من خلال منع التوظيف قبل الحصول على شهادة تدريب تطبيقي ميداني على رأس العمل بتفرغ كامل لا يقل عن سنة. Your browser does not support the video tag.