مرحلة التحول في المجتمع السعودي مع رؤية 2030 تضعنا كل يوم أمام حقائق ومتغيرات ومنعطفات مهمة في مسيرة العمل النوعي، والمبتكر، والبحث عن الفرص الواعدة للمشاركة، والتفاعل، والخروج إلى فضاء أوسع من الركون إلى الوظيفة إلى البحث عن العمل الذي يستجيب لاحتياجات السوق، ويقلل من نسب البطالة المتنامية بين الشباب. أحد أهم تلك التحولات هو النظر إلى الشهادة الجامعية على أنها متطلب للوظيفة وليست مطلباً؛ فالمعيار أصبح مرتبطاً بالمهارة التي يملكها الخريج، وليس الشهادة التي لا تصنع فارقاً بلا تأهيل، أو تدريب، أو حتى اختيار للتخصص الذي يمكن أن يكون شافعاً لأولويات المعروض في السوق الوظيفي. معظم الطلاب الجامعيين يبحثون عن الشهادة بأقل جهد، ويطالبون بالوظيفة بأعلى صوت، وما بينهما استحقاق لم يتم تحصيله بعد، وهي المهارة التي تمكّنه من العمل، سواء مهارة اللغة الانجليزية، أو التقنية، أو مهارة التخصص الذي ينتمي له، مثل الكتابة في تخصص الإعلام، أو التجربة الحقلية في التخصصات العلمية. من يقرأ السيرة الذاتية للخريجين من الجامعات لا يجد سوى شهادة متبوعة بدورة أو دورتين، وبعدها فراغ لا يمكن أن يملأه غير الواسطة في التوظيف، ومن ليس له حظ في تلك الواسطة ينتظر الفرج على قوائم البطالة، ثم يدرك الخريج متأخراً أن الشهادة لم يعد لها قيمة بلا مهارة وممارسة للمهنة. الجامعات تقدّم المعرفة ولا تمنح الوظيفة هذا صحيح، وتقدم فصلاً تطبيقياً على الأقل لتواجد الطالب في سوق العمل قبل الحصول على الشهادة، وتسارع إلى تغيير كثير من مناهجها لتتواءم مع متطلبات السوق، ورغم كل ذلك لا يزال الخريج الجامعي بلا تأهيل حقيقي، وبدون استعداد لمرحلة ما بعد الجامعة. نعم لدينا تخصصات لم تعد مطلوبة في السوق أو على الأقل بعدد الخريجين منها، ولدينا مشاكل أخرى في تهيئة الطالب معرفياً ومهارياً في اختيار ما يناسب إمكاناته، ومشاكل ليس لها حل في قناعة الطالب أن ما يتمناه شيء وما هو موجود في الحد الممكن شيء آخر، وبالتالي لم تعد الخيارات متاحة للتوفيق بين الطموح والواقع، وهنا تحدٍ يتحمله الطالب نفسه، ولكن علينا مساعدته، وتمكينه من أدواته، وتشجيعه، وتجديد الثقة مع نفسه. مزعجة كثيراً أرقام البطالة بين الجامعيين، وتحديداً في التخصصات العلمية التي أمضى فيها الطالب وقتاً وجهداً في التحصيل، ولا يزال يبحث عن فرصته في العمل حتى لو اضطر أن يعمل في غير تخصصه، ويبقى السؤال: هل المهارة التي يفتقدها الخريج هي سبب بطالته؟، والجواب حتماً نعم. Your browser does not support the video tag.